وداع في الليل - وحيد خيون

لقد تـُبْتَ يا هذا فهل عدْتَ ثا نيا؟
وهل كان ما قلناهُ ليلا ً تداعـيـا

حكمتَ وما أنصفتَ يا دهرُ بيننا
فأبعدتـَهم عني فبوعدتَ قاضـيا

وقالت ليَ الأ يامُ صِلـْها تحـــيّة ً
ليوم ٍ تكنْ فيه ِ التحايا تناجــيا

تعودينَ يوماً للديارِ ؟ فقد بكى
لكِ القلبُ وازدادَ الفؤادُ مآسِيا

شهورٌ وأعوامٌ مضتْ ووجوهـُكم
دليــــلٌ يـزيدُ التائهـــينَ تنائيــا

ذكرتـُكِ ذكرى مَنْ تولّى حبيبُهُ
فحنـّتْ لهُ النفسُ التي ظلّ ناسيا

يُخـَيّـلُ لي أنّ التلاقي حليفـُـنا
فلو كدتُ أنسى , قد ذكرتُ التلاقيا

تعالي ضعي بين الجوانِح ِ خافِقاً
يبيتُ الليالي ساهرَ الليل ِ شاكِيا

أ ترضيْنَ أنْ أحيا بنفس ٍ عليلةٍ
وترضيْنَ أنْ أ قضي الزمانَ تناجـِيا؟

هلـُمّي فإنْ لم تستطيعي فـــبادري
لنا في منام ٍ واستريحي ثوانيــا

وليتَ لنا عادتْ ليال ٍ قضيتـُها
وصالا ً ألا عودي لنا يا لياليــا

قضى صبحُ أيامي أنينا ً وذكرُها
يُراودُني واللهِ لو كنتُ غافــيا

وصارتْ لنا ذكرى و ولـّى زمانـُها
فياليتَ عن قلبي يُوَلـِّي غراميا

وياليتَ ذي قار ٍ تدانتْ لبصرةٍ
ويا ليتَ أرجاءَ الزبير ِ انتمى ليـا

يقولونَ فان ٍ كلّ ُ شئ ٍ وإنني
وجدتُ الهوى يبقى و غيرَهُ فانـيا

وحيدٌ وأيامي عليّ َ طويلــــة ٌ
فعيْني كما كانت , ونفسي كما هيا

وأما رسومُ الدارِ خرسى كأنها
سَجَنـْجَلُ أوهامي الذي ظلّ باقـيا

أُنادي فما للريح ِ لا تحملُ الصدى
أيا سارقـَيْ قلبي ألا تسمعانِيـا؟

وقفتُ وما أحسستُ إلا ّ بواقفٍ
دنا فاستوى حتى تمثـّلَ داعـــيا

يُسائِلـُني عنها وعني بفقدِهـــا
فقــلتُ لــهُ لــيتَ الحبيــبَ يرانيـا

يقولونَ ودّعْـنا الخليطَ بأسْـرِهِ
وساروا بها والليلُ قد كانَ ســاجيا

أعادوا لنا منْ دهرِنا ما تباعَدَتْ
أحاديثـُهُ عـــنا , فهــاجَ الأسى بيا

فوا حرّ قلبي قد حُرِمتُ لقاءَ ها
وحَلّ َ غرابُ البين ِ عنها مكانــــِيا

لقد أخذوها أهلـَها وغدَوْا بــها
على خطرٍِ يرجونَ عني تجافيا

وقد صار ماضينا زمانا ً مشرّداً
وكلُّ زمان ٍ بعدها صارَ ماضيـا

وإني وحقِّ اللهِ لمّا فقدتـُها
بكيتُ بباب ِ الدارِ حتى بكى ليـا

ولو يُهـْـلِكُ الشوقُ الذي في قلوبِنا
لـَمَا ظلّ مسقوماً ولا ظلّ صاحِيا

وأحبَبْـتـُها حُبّ َ الخليل ِ لخِلـِّـهِ
وما مِثـْـلَ عشـْقي عاشِقٌ في زمانيا

ولا ذرفتْ عينٌ وناحتْ حمامة ٌ
ولا طــأئرٌ إلاّ أرادَ الــــتلاقــــــيا

وما ذكرَ القلبُ الذي مرَّ وانقضى
من العهدِ إلاّ بَــلّـلَ الثوبَ باكيا

سلامٌ لها ما طالَ عمري وبعدَهُ
سيأتي سلامُ الغائبيــــنَ قوافيـا

فربّ رجاءٍ خابَ فيمَــنْ رجَوتـَهُ
وربّ سكوتٍ نالَ ما أنتَ راجيا

وإنكِ بـدرٌ في الحياةِ ودَدْ تــُــهُ
ومَنْ يعْشـَقْ الأقمارَ يَلـْـقَ اللياليا

ومَنْ طالَ فيهِ الهمّ ُ أخفى همومَهُ
ومَنْ عَرَفَ الدنيا أ قـَـلّ الأمانِـيا

وإنّ الذي يخلو من العشق ِ قلبُهُ
كمَنْ عاشَ في الدنيا من القلبِ خالِيا

ولم يَبْـقَ للأيام ِ عندي سوى الكرى
ولم تـُبْـق ِعندي غيْرَ ذكراكِ باقِيا

ولي فيكِ حاجاتٌ يطولُ حديثـُها
إذا قلتـُها يوماً فقدْتُ المـُواسِــيا

ونحنُ كقول ٍ قالهُ الدّهرُ بعدَما
رَمانا كما يرمي الكلامُ المعانــيا