قادم من امستردام - وحيد خيون

أتيتُ يحْمِلُني قلبي لأوطاني
مُحَمّلا ً بمسَرّاتي وأحزاني

أميلُ بالهَمِّ والأنظارُ تُحْرِجُني
كلّ ُ الموازين ِ قد كيلَتْ بميزاني

في كلِّ أرض ٍِ أُجافيها وأنزِلُها
حُبّ ٌ أُجافيهِ أو حُبّ ٌ سيلقاني

مُغَرّبٌ هاهنا قلبٌ أُصارِعُهُ
وفي العراق ِ أبي..أُمّي..وإخواني

كانت حياتي قبيلَ المُلتقى هَدَرا ً
تضيعُ مثلَ سحاباتٍ ببُركان ِ

كانت عناوينُ حالي غيرَ ثابتةٍ
واليومَ يثبُتُ في عيْنيْكِ عنواني

لا تخذليني وقد أصبحتِ آسِرتي
أنْ تتركيني لأوراقي و أغصاني

لا لونَ لي بعدَما غيّرتِ لونَ دَمِي
عِشقا ً .. وما لَعِبَتْ أُنثى بألواني

قد كنتُ أعبثُ بالأكوان ِ في لُغَتي
إذ لم تكنْ نجمة ٌ تلهو بأكواني

أحتاجُ عامين ِ حتى ينطوي نكدي
حتى أعودَ كما قد كنتُ من ثاني

أحتاجُ أنْ تقِفي خلفي وأنْ تَرِدي
من ماءِ عيني ومن نهْرِي وشُطآني

أحتاجُ أنْ تحسبي فنّا ً معادلَتي
كي تُطفِئي بلهيبِ الوصل ِ نيراني

أحتاجُ أنْ أجمعَ الدنيا بواحِدةٍ
وقد ترى ألفَ إنسان ٍ بإنسان ِ

أنا هنا في (أمِسْتِرْدامَ) مُبْصِرَتي
في(لِنْزَ) حتى لساني صارَ ألماني

عينان ِ قد فاقَ حدّ َ السِّحْرِ سِحْرُهُما
فلا أقولُ سوى : عيناكِ عينان ِ

كأنّ َ عَيْنَيْكِ والصَيّادُ يرصِدُها
عصفورتان ِ هَوَتْ خوفا ً ببُسْتان ِ

والشَّعرُ ينفي سوادَ الثوبِ آخِرُهُ
كأنهُ من خيول ِ الفحم ِ قِطْعَان ِ

كأنّ وجهَكِ مِرآة ٌ يُقابِلُها
مصباحُ زيتٍ بعيدٌ أحمرٌ قاني

على ذِراعين ِ من نورٍ على أُفُق ٍ
ألْقَيْتِ خدّين ِ أمْ أزهارَ رُمّان ِ؟

مخلوقة ٌ من ملوكِ الطيرِ تحسَبُها
جاءَ تْ وفي يدِها خط ّ ٌ سُليماني

تبدو لناظِرِها المسحورِ واحدة ً
لكنها لغريبِ الحال ِ شخصان ِ

وإننا واحدٌ نفسٌ و معتقدٌ
لكننا في عيون ِ الناس ِ إثنان ِ

فإنْ تفارقَ جسمانا على عَجَل ٍ
لنا رفيقان ِ حتى الموتِ قلبان ِ

اليومُ في بُعْدِها عمرٌ بأكمَلِهِ
والعمرُ في ملتقى الأحبابِ يومان ِ

أتيتُ من زمن ٍآتٍ الى زمن ٍ
ماض ٍ فهل يستوي للعقل ِ أمران ِ

قولوا لبغدادَ لو زرتُم عرائشَها
أني أخافُ إذا ما غِبْتُ تنساني

قولوا لها بُعْدُها عني يُؤرِّ قُني
وأنّ يَوْمَيْ فراق ٍ منكِ عامان ِ

قولوا لها كلّ ُ إنسان ٍ لهُ جِهَة ٌ
وليسَ لي بعدَ هذا العمْرِ وجهان ِ

قولوا لها لم تعُدْ تُجْدِي رسائِلُها
على المواقِدِ تُلقيني و تلقاني

وأصبحَ الناسُ حولي مُغرمونَ بها
ويحلِفونَ بها صَحْبي و جيراني

فكيفَ أنساكِ؟ والأمواجُ هادئة ٌ
والماءُ جارٍ وعَصْفُ الريح ِ أقصاني

لا أهلَ لي لِيُسَلُّوني ولا وطنٌ
فأنتِ أهلي وأصحابي و أوطاني