استقالة - وحيد خيون

بعدَ تفكيرٍ طويلْ
بعدَما صارتْ حقولُ الوردِ شوكاً
واختفى اللونُ العراقيّ ُ الجميلْ
بعدَما أقمارُنا عنا تلاشتْ
وبدَتْ تهجُرُنا شمسُ الأصيلْ
بعدَما صارَ التلاقي مُستحيلْ
بعدَما دقتْ نواقيسُ المسافاتِ ...
وأصبَحْتُ على أبوابكمْ ظِلاّ ً ثقيلْ
بعدَما أفنيْتُ دهراً ...
ماشِياً أطوي الى لقياكِ ميلاً بعدَ ميلْ
لم أجدْ ذرّة َ إقبال ٍ ...
ولا وقفة َ إجلال ٍ ...
ولا نافِلة ً فيها من العطفِ القليلْ
لم أجدْ في ظلكمْ إلاّ لهيبا ...
لم أجدْ فيكم حبيبا ...
كنتُ في عالمِكمْ أشبهَ حالا ً بالنزِيلْ
كانَ ليلُ الشوق ِ يغزوني طويلا ...
كنتُ أخشى أنْ تظنيني ذليلا ...
والعِراقيّونَ ما اعتادوا على العيش ِ الذليلْ
كنتُ أستلقي على امواجكِ الزرقاءِ ...
لا أدري إلى أينَ ...
ولا أعرِفُ للمرسى سَبيلْ
كنتُ في صحرائِكِ الخضراءِ .. مثلَ الريح ِ ...
لا أعرِفُ لي وقتاً ..
ولا أعلمُ لي بيتاً ..
ولا عندي على بابٍ دليلْ
كنتُ مقتولاً على بابكِ ..
والقاتِلُ لا يعرِفُ ما ذنبُ القتيلْ
بعدَ تفكيرٍ طويلْ
قرّرَ الراحِلُ أنْ يرحَلَ من أرض ِ الفراتين ِ ...
بأنْ يُعْلِنَ عنْ أرض ِ الفراتين ِ الرّحيلْ
بعدَ تفكيرٍ طويلْ
قرّرَ الشاعِرُ أنْ يُلقي خِطاباً ...
لم يجدْ مِنْ دونِهِ شيئاً بديلْ
قرّرَ الشاعِرُ أنْ يكتبَ نصّاً ...
ثمّ يُلقِيهِ الى وجهِ النخيلْ
بعدَما أصبَحتُ مثلَ القِشةِ المُلقاةِ ...
لا مالتْ الى الريح ِ ولا الريحُ لها عادَتْ تميلْ
بعدَما أصبَحْتُ ماءً ...
و على أرض ٍ منَ الرّمْل ِيسيلْ
بعدما لا عادَ لي لونٌ ...
ولا لي بينكمْ أيّ ُ قبيلْ
لا تقولي لي صديقاً ..
لم أعُدْ ألمَحُ للصِّدْق ِ بريقاً ...
لا تقولي لي زميلْ
فأنا قصّرْتُ أنْ ألعَبَ دَوْرِي
وأنا قرّرْتُ أنْ أترُكَ دَوْري
وأنا في غايةِ البُؤس ِ ولكنْ لا بَدِيلْ
هذهِ القِشة ُ قد تقصِمُ ظهري
وأنا أوشكتُ أنْ أفقِدَ صبْري
دَمُكِ البارِدُ لا يَقبَلهُ جسْمِي الهزيلْ
إقبَلِي آخِرَ أوراق ِ استِقالاتي ...
معَ التقديرِ والشكرِ الجَزيلْ
هذهِ كلّ ُ مطاليبي ...
وإني مُسْتقيلْ