الاختيار - يحيى السماوي

جيلانِ مَرّا
مُذْ مضى أَبَتي وغادَرَ بيتَنـــا
كيفَ استفاقْ؟
فَأَطَلَّ من خلفِ الرِواقْ
عيناهُ مُمْطِرتانِ
بَدْلَتُهُ العتيقةُ نفسُها
والخوفُ نفسُ الخوف
نَفسُ القهرِ شَلَّ يداً وساقْ
نفسُ العقالِ الوَبْرِ واليشماغِ
مَنْ؟ أَبَتي؟
اسْتَرِحْ
وانْفضْ على صدري رمادَكَ
طالَ جمرُ الاحتراقْ
فبكى
رمى الماءَ الذي قَدَّمْتُهُ
خبزي المُعَفَّرَ بالترابِ
بكى
وأَخْرَجَ مُصْحَفاً وكتابَ أدعيةٍ
وقالَ
إليك يا ولدي الذي خَبَرَ الحدائقَ والحرائقَ
والدهاليزَ . . المنافي
والتجافي . . والعناقْ
أَقْسِمْ بأنك لن تبيع دموعَ أُخْتٍكَ
في مزاداتِ السياسةِ
لن تخونَ دمَ الرفاقْ
أَقْسٍمْ بأنك لن تخونَ النخلَ
أو لبنَ الأمومةِ
لن تَمُدَّ يد النفاقْ
فاخْتَرْ
فأما أنْ تكونَ مع العراقْ
أو
أَنْ تكون معَ العراقْ