أبجد هوَز - كريم معتوق
(( أ ))
                                                                    دعي الحرفَ عني يقولُ الذي لم أقلْ
                                                                    وأكملُ آخرَ مسرىً بدأتُ
                                                                    لأني مشيت ُ زمانا ً طويلا ً
                                                                    إليك ولكنني لم أصلْ
                                                                    وإني عبرت ُ لآخر شط ٍ
                                                                    ظننتُ بأني عبرتُ
                                                                    وأدركتُ حين تأبَّطني اليأسُ
                                                                    أن المسافة َ دونَكِ بحرٌ
                                                                    وإني على ضفّتي لم أزلْ
                                                                    (( ب))
                                                                    يشيعون عني وعنكِ حديثا ً
                                                                    ويرضيكِ كلُّ الذي يهمسونْ
                                                                    فقلتُ رأيتك ِ في بابَ قلبي
                                                                    تقولين أهلا ً لمن يدخلونْ
                                                                    فقالوا جنون ْ
                                                                    رأيت ُ السحاب َ بكفيك ِ يهمي
                                                                    وإني طويت ُ يديك ِ بكفي
                                                                    وبلَّلَتِ الروحَ تلك المزونْ
                                                                    رأيتُ مساحةَ قلبي بياضاً
                                                                    وأنت ِ تخطِّينَ أجملَ شعر ٍ
                                                                    بوجهٍ حزين ٍ جميل ٍ حنونْ
                                                                    فقال الأُلى حولنا يكتبونْ
                                                                    محالٌ جنونْ
                                                                    رأيتكِ ..
                                                                    مالي ومالُ الذينَ
                                                                    لديهم عيونٌ ولا يبصرونْ
                                                                    أراكِ كتابا ً سأقرأ وحدي
                                                                    أيُوكَلُ قلبي بمن يقرؤونَ ولا يقرؤونْ
                                                                    أأنجبتُ كلَّ البرِّية ِ حتى
                                                                    أحسَ بذنبِ الذين إذا ما
                                                                    تغنَّيتُ بالحبِّ لا يفهمونْ
                                                                    (( ج ))
                                                                    دعيني أعيدُ سياقك ِ وحدي
                                                                    وأبدأ من حيث غيري انتهى
                                                                    وأعترفُ الآن للَّيل ِ همسا ً
                                                                    وجهرا ً إلى واهب ِ المشتهى
                                                                    فيا ليلُ يا واهبَ المشتهى
                                                                    ويا ليلُ يا ليلُ كيف ابتدأنا
                                                                    وكيف تمرُ الليالي عليَّ
                                                                    ولا يصرخُ الشوقُ إلا لها
                                                                    ويا ليلُ عُدْ بي لأول ِ وَصْل ٍ
                                                                    لتلكَ الدقائقِ كيف احترقنا
                                                                    وكيف امتزجنا
                                                                    وكيف شربتُ سنا صوتها
                                                                    وكيف ألفتُ لبضعِِ ثوان ٍ
                                                                    تمرُ ثقالا ً على صمتها
                                                                    وأتقنتُ أتقنتُ كلَّ حديثٍ
                                                                    وأدمنتُ أدمنتُ أدمنتُها
                                                                    (( د ))
                                                                    إذا كان لا بدَّ لي من وصايا
                                                                    ولا بدَّ لي من كتابٍ أخيرْ
                                                                    أقولُ بأنكِ فوقَ الحكايا
                                                                    وفوقَ الكلامِ الذي لا يُثيرْ
                                                                    فهل أكتبُ الآن عنكِ وعني ، وأنت أنا
                                                                    أنتِ لستِ سواي
                                                                    وأن الحروفَ التي تستجيرْ
                                                                    تعلَّمنَ منكِ فنونَ العطايا
                                                                    تعلمنَ كيف يُروضْنَ ليلا ً
                                                                    على الحبِّ حين تنامُ البرايا
                                                                    وينتشرُ الحبرُ فوقَ الورق ْ
                                                                    لتنزفَ روحي حطامَ أسايَ
                                                                    إذا ما تهيأتُ كي أحترق ْ
                                                                    لأكتبَ أن كان لا بدَّ لي
                                                                    و لا بدَّ لي من كتاب الوصايا
                                                                    أقولُ أحبكِ روحا ً وفكراً
                                                                    ووحَدك أدري
                                                                    بأني أكادُ به أختنق ْ
                                                                    وأنتِ تُهيلين فوقي الخطايا
                                                                    وحبكِ أمرٌ نويتُ عليه
                                                                    وفي البدءِ دوما ً تكون النوايا
                                                                    (( هـ ))
                                                                    حين تأتين َ ببالي
                                                                    كالطيور العائدة ْ
                                                                    دون أن أدري يدي تمتدُّ
                                                                    كي تحسبَ ـ أن جئتِ ـ
                                                                    ضلوعي الباردة ْ
                                                                    ربما ضيعتُ ضلعاً فـرَّ من فرط التمني
                                                                    كظنوني الشاردة
                                                                    حين تأتين ببالي
                                                                    أرتمي فوق رمال ِ الوهم ِ حتى
                                                                    أغتني بالأمنيات ْ
                                                                    وأرى ضحكةَ أوراقي تراقصنَ على الرف ِ
                                                                    تهيئنَ لنزف ِ الكلمات ْ
                                                                    وتجمَّعن َعلى المكتب ِ يا سيدتي
                                                                    بعد شتات ْ
                                                                    حين تأتين ببالي
                                                                    أتقي نارَ العتاب ْ
                                                                    فدعي النارَ دعينا نبَدأِ الآن
                                                                    دعيني أتقي ناركَ شبرينَ
                                                                    وشبرا ً للخراب ْ
                                                                    وأمنيكِ بما لا أتمنى
                                                                    كلما غبتِ تمنيتُ خيالا ً
                                                                    وتعلقتُ بأهدابِ السرابْ
                                                                    (( و ))
                                                                    نـَذرٌ عليَّ بأن أخلَّدَ قصةَ الأنثى التي
                                                                    عرفتْ بما بي
                                                                    فرأيتُ أعصابي
                                                                    يهنّئُ بعضها بعضا ً
                                                                    على ألق ِ التَّصابي
                                                                    فاعتذرتُ إلى غدي
                                                                    إني اعتذرتُ إلى غدي
                                                                    نذرٌ على الحبِ الذي
                                                                    غنّى به ( الأعشى ) و ( قيسٌ )
                                                                    ( طَرْفَة ُ بن العبيد ) برقةَ ثهْمدِ
                                                                    نذرٌ لطرفةَ ذلك المسكون بالإبداع ِ
                                                                    والمسكون بالأحزان ِ فوق تجلُّدِ
                                                                    ويدي إذا اعتذرتْ عن الإبداع ِ
                                                                    لستُ أظنُّها بيدي
                                                                    نذرٌ لطَرْفَة َ فاسعدي
                                                                    أدري بأن العمر قد مرَّ
                                                                    بما لم تسعدي
                                                                    (( ز ))
                                                                    أبجدٌ يختمها الهوّزُ
                                                                    والهوّزُ تأتي خاتمةْ
                                                                    أنت ِ يا فاتحةَ الشعرِ
                                                                    ويا فاتحةَ الألوان ِ
                                                                    يا فاتحة ً كلَّ انغلاقٍ للدروبِ المعتمة ْ
                                                                    هكذا أنت ِ
                                                                    ربيعٌ دائمُ الخضرة ِ
                                                                    بحرٌ هادئٌ
                                                                    عطرٌ تسامى
                                                                    و شفاةٌ ملهمة ْ
                                                                    أنتِ يا مبدعةً سحرَ الرياحين ِ
                                                                    ويا طاحونة ً للريح ِ
                                                                    يا وادعةً و ظالمة ْ
                                                                    ما تخيَّرتُ بهذا الحبِ
                                                                    قد جاءَ كما أهواه
                                                                    قد علَّمني سرَّ العيونِ العازمة ْ
                                                                    أبجدٌ يختمها الهوّزُ
                                                                    هل ألقاكِ يوما خاتمة ْ