قالت لي الخنساء - كريم معتوق
( ماذا تُحبُّ من النساء ْ ) ؟
                                                                    قالتْ لي الخنساءُ سائلة ً
                                                                    وما عزّت ْ إجابتها ولكنَّ الثناء ْ
                                                                    يبقى قصيرَ الطول ِ في شَفتي
                                                                    أحبُ ..
                                                                    أقولها ..
                                                                    أم أستديرُ إلى الوراء ْ
                                                                    وأقول فيها ما أريد ُ
                                                                    أحب ُ فيها ما تريد ُ
                                                                    أحب ُ تاريخ َ النساء ْ
                                                                    الواقفات ُ على اللظى
                                                                    الصابرات ُ على العناء ْ
                                                                    الكاتبات ُ بصبرهن َ شهادة ً
                                                                    تبقى مع التاريخ ِ ما بقيت ْ فضائله ُ
                                                                    و صاهره ُ البقاء ْ
                                                                    والثائرات ُ على الوصايا والحكايا
                                                                    واشتدادُ القيد ِ في زمن ِ الغباء ْ
                                                                    قالت لي الخنساء ُ ما قالت ْ
                                                                    وظلَّ سؤالها
                                                                    يفتـرُّ في سمعي كبارقة ِ الغناء ْ
                                                                    ( ماذا تحب ُ من النساءْ ) ؟
                                                                    وأحب ُ رائعة َ الحديث ِ
                                                                    أحب سيدة َ المساء ْ
                                                                    تلكَ التي تستبدل ُ الأدوارَ إن حلَّ الدجى
                                                                    فتكون بدرا ً إن أردت ُ الضوء َ
                                                                    مدفأة ً إذا عـزَّ الغطاء ْ
                                                                    وتكون رائحةَ الخزامى إن أردت ُ العطر َ
                                                                    تأتيني بورد ٍ ما عرفت ُ شبيهه ُ يوما ً
                                                                    وتأتيني بأقمار السماءْ
                                                                    لم تقبل الخنساء ُ ما أبدي
                                                                    فقالتْ مرة ً أخرى صراخا ً
                                                                    ( شاعري ..
                                                                    ماذا تحب من النساء ْ ) ؟
                                                                    فذكرت ُ قارئة ً لشعري
                                                                    قلت ُ من تقبل ُ
                                                                    أو قد بات َ يرضيها جنون ُ الأدباء ْ
                                                                    والتي تسهرُ كي تقرأ شيئا ً
                                                                    نَسَب ُ الحرفِ إذا عـزَّ التآخي
                                                                    نسَبُ الحرفِ مع الحرفِ دماءْ
                                                                    أنا لا أعرفُ من صحبتها شيئا ً , وتدري
                                                                    بالذي أشعلني دهرا ً وأبقاني رمادا ً
                                                                    شامخا ً يحمل ُ لين َ الكبرياءْ
                                                                    تلكَ من أهوى
                                                                    فقالتْ ( لا تزد ْ
                                                                    أنتَ لا تذكرُ شيئاً بأفانينِ النساء ْ )
                                                                    قلت ُ بعد الصمت ِ من أهوى فتاة ً
                                                                    مالها في الأرض ِ إن قلت ُ شبيها ً
                                                                    بخيال الشعراءْ
                                                                    أول ُ العمر ِ لها قرن ٌ
                                                                    كأنَّ الدهر َ يعطيها من العمر ِ
                                                                    إلى غير انتهاءْ
                                                                    تفتديني بصباها
                                                                    وأنا منكسر ٌ في ظل ِ عينيها كأني سائح ٌ
                                                                    أبدا ً ما مَـلَّ
                                                                    مبهورا ً بألوانِ المساء ْ
                                                                    والذي تكشفه ُ منها الزوايا
                                                                    فتمطى كالحكايا
                                                                    و تحامى بالإخاء ْ
                                                                    قلت ُ : هذي
                                                                    قالتْ الخنساء ُ : ( لم تقبل هنا غير صباها
                                                                    فأرحني ..
                                                                    ما الذي يرضيك من كل النساء ْ ) ؟
                                                                    خفت ُ إعراضا ً لها باتَ وشيكا ً
                                                                    فتيممت ُ رحى رسلي وهيئت ُ خيالي
                                                                    ربما ألهمني الوقتُ فصول َ الابتداء ْ
                                                                    قلتُ ما يرضيك ِ يرضيني
                                                                    فما يرضيك ِ ؟
                                                                    لاذت ْ ..
                                                                    بخمار ِ الصمت ِ من حولي
                                                                    ودرعِ الإنحناء ْ
                                                                    قلتُ أهوى من لها في الناسِ قدْر ٌ
                                                                    وهي تدري ..
                                                                    إنما يحجبه ُ عنها الحياء ْ
                                                                    إن تحسرت ُ توافيني بصدر ٍ
                                                                    أو تحدثت ُ توافيني بسمع ٍ
                                                                    وإذا أبكي توافي بالبكاء ْ
                                                                    إن تبسمت ُ وما عادة ُ ثغري
                                                                    أن أرى منه ابتساماً
                                                                    وهبت ْ ضحكتها الدنيا وأجزت ْ بالعطاءْ
                                                                    أبدا ً خجلي وما في الوجه ِ عيبٌ
                                                                    وعلى مقلتها سفح ُ بريق ٍ
                                                                    وعلى مبسمها نهرُ اشتهاءْ
                                                                    كنت ُ مزهوا ً بما قلت ُ
                                                                    وأحسست ُ بأني صغتُ شيئا ً
                                                                    لم تكن ْ تعرفه ُ المرأة ُ من قبل
                                                                    ولا مرَّ على بال ِ حروف ِ الشعر ِ
                                                                    أو حرفِ الهجاء ْ
                                                                    ثم قالتْ : ( أيها الشاعر ُ لم تدخلْ لبحرٍ
                                                                    أنتَ ما زلتَ على الشـطِّ تُباهي
                                                                    تتحامى باحتماءْ )
                                                                    قلت ُ أعيتني التفاسيرُ فلم يبق َ سواها
                                                                    أن أرى سيدة ً تختصرُ الماءَ
                                                                    فقد يُجدي اختصارُ الماءِ أحيانا ً
                                                                    وقد يخذلُ ماءْ
                                                                    إنما و الحق في " لكنما "
                                                                    لو أن سيدةً هنا قامتْ لتختصرَ النساء ْ
                                                                    فتكون زلزالا ً لأهدأ مرة ً
                                                                    فأنا تراثُ بُحيرة ٍ
                                                                    بالصيفِ عامرة ٌ
                                                                    وتهدأ في الشتاء ْ
                                                                    قالتْ ليَ الخنساء ُ لو تقوى
                                                                    وتختصرُ الرجال ْ
                                                                    ستجيؤكَ امرأة ٌ لتختصرَ النساء ْ