سل عن الدار وعن سكّانها - ابن شهاب

سل عن الدار وعن سكّانها
واغنم الفرصة في إبَّانها

وازجر الهوجاء عن تخويدها
حيث آنست سنا نيرانها

واخلع النعلين إكراماً وسر
خاضعاً والثم كبا كثبانها

وبها استفت العلا عن فتية
فنيت أحيانهم في حانها

دبت الراح بأرواحهم
كدبيب النوم في أجفانها

معشر صم عن العذل متى
صمموا العزم على إدمانها

صرفها يصرف عنهم كل ما
غان في أنفسهم من رانها

وهناك استأن حتى يأذنوا
لك أن تُحْسَب من ضيفانها

وهنيئاً لك مهما أكرموك
بإيوائك في إيوانها

منتدى في روضة يذكو الفضا
بشذا المهتز من قيعانها

وعليها عاكفات الطير تتلو
فنون السجع في أفنانها

منتدى فيه البهاليل الأُلَى
رفع أعلام العلا من شأنها

شهب تغبطها السبعة من
بدرها الأدنى إلى كيوانها

وبه البيض الدمى حانية
أضلع الوجد على عيدانها

يسطع العنبر من أردافها
ويفوح المسك من أردانها

تتثنّى بين بانات الربى
فتثير الحقد في أغصانها

حين يشدو بالأغاني هزجاً
يرقص الكون على أوزانها

ولذا يخفى المثاني خوفها
من ظهور النقص في ألحانها

ليس بدعا ما ترى عيناك من
مرح الأمة في ميدانها

إنه يوم به ألبس خير
الملوك الخير من تيجانها

واستوى فيه على العرش الذي
جلّ عن غر بني ساسانها

ما لمحبوب بن أفضل في معاليه
ند من بني إنسانها

صلت الأملاك إذ جلى ولا
عتب فيما ليس من إمكانها

مد بسط الأمن فالشآء به
لا تهاب الناب من سرحانها

قائد الفرسان مهما اشتدت
الحرب واشتبت لظى نيرانها

بنظام ينثر الهام إذا
هاجت الهيجاء من أبدانها

وله معجزة الجود التي
هذه الآثار من برهانها

همة تنطح أسمى فلك
نافذ الأقدار من أعوانها

تلك ذات قدست لم يلف في
حسنها النقص ولا إحسانها

من بنى اسكندر المستأصلي
شافة الناكل عن إيمانها

والألى لم يبن برج للندى
والجدا اسمك من بنيانها

عنت الأعداء من هيبتهم
ولهم خرّت على أذقانها

خطبوا بالبيض أبكار العلا
واستعانوا السمر في أحصانها

أيها الملك بل الفلك الذي
أنقذ الأمة من طوفانها

ببلوغ الأربعين استحكمت
قبة الملك على أركانها

ها إليك ابنة فكر أهديت
تسحب الذيل على سحبانها

قدمتها العرب من عدنانها
الغر والشم بني قحطانها

فئة مفخرها إخلاصها
لك في السر وفي إعلانها

استعاضت بك عن أقيالها
وبأرجائك عن أوطانها

ولك اليوم على شبّانها
ما لآبائك من شيبانها

إن تسم خلّة مجد باذخ
جعلوا الأرواح من أثمانها

وهم سيفك في هام البغاة
إذا شقت عصا عصيانها

فادع لليوم العصيب الجند
تعرف بغاث الطير من عقبانها

لم تزل رافعة الأيدي إلى
ذي العلا باري الورى ديّانها

أن يديم النصر والإقبال والعز
والإجلال في خاقانها

قدم الاقدام من محبوبها
دائم الفوز ومن عثمانها

ومن المطرب تاريخ بأحرف
بيت الختم في حسبانها

لديار الدكن السعد بدا
سائراً في أربعي سلطانها