لحزن جلباب السرور - الصوارمي خالد سعد

ونثرتُ أنفاسي على ألق الضحى
ونَشَبْتُ في زَخَمِ الشعاع أناملي

متوهِّجٌ قلبي على تلك الرُبى
متوشِّحٌ شَفقَ الحياةِ الآفلِ

قد أمعنَتْ مِنى رُؤايَ ترحُّلاً
فأهبتُ بالقلبِ الكئيبِ أنِ ارحلِ

أسرجتُ ضَوءَ الشمسِ ثم علوتُهُ
وسبحتُ في حقلِ الغَمامِ الجائِلِ

والزهرُ من فمِهِ تسيلُ عُصارةٌ
بالحزن لُفَّتْ .. بالنَدَى المتهاطِلِ

عَبقٌ سكبتُ به بَقايا لوعَتي
وهصرتُ في ظِلِّ الرياحِ مفاصِلي

كانت فُلولُ البؤسِ تضحكُ في أسىً
والحزنُ يخطو في السرور الماثِلِ

***

قد عذبتني الذكرياتُ أخوضُها
فَتَبثني ألَماً يَجُوبُ دواخِلي

فأطيرُ نحو الشمسِ تنزِفُ طاقتي
وأخِرُّ يصدِمُ كلَّ صخرٍ كاهِلي

هذى السنونُ تشابهت وتَناقضت
قَلبِي على المتنافِرِ المتماثِلِ

زهرٌ تلأَلأَ ثم بَرقٌ ذابِلٌ
نجمٌ تزوَّد مِنْ سِراجِ المَنزِلِ

بحرٌ تفَجَّرَ في القِفارِ مدمدِماً
ليلٌ تكفَّنَ باليتيمِ الأعزلِ

جَبَلٌ جَثا .. سُحُبُ الأديمِ تدخَّنَتْ
في حُفرةٍ تحت الضياءِ المسدلِ

أسدٌ بكى لما أطاحَ بشبلِه
ضَبْعٌ قدَ اْولَمَ في عرين الأشبُلِ

شمسٌ أَذَابَ أوارَها بردٌ قسا
فتراعَشَتْ .. مثل الأُوارِ المجفِلِ

قمرٌ بشطئانِ الضحى متلفِّعٌ
مَطرٌ تواثبَ في الفضاءِ إلى علِ

يالوعةَ القلبِ الكَئيبِ تمنطقي
في البِيدِ لحن الموجةِ المتثاقِلِ

يا شوقُ لا تسكُبْ دموعَكَ يائساً
هذى رُؤي عُمْرِ الزمان المقبِلِ

فالحزنُ جُلبابُ السرورِ على الضنى
يا قلبُ فاحزَنْ يا همومُ تَفضَّلى

فأنا السعيدُ أخوضُهُ دمعَ الأسى
وأنا السعيدُ بلوعةٍ لا تنجَلى

ولتبسمِ الأَفلاكُ في ساحاتنا
أو فَلْتكشِّرْ .. إنني قلبٌ خلِى

فهنا الأوائلُ في الزمان أواخرٌ
جادَتْ أَواخِرُهُ بكلِّ أَوائِلِ