بين الدنيا والآخرة - الصوارمي خالد سعد

زهرٌ على نَبتٍ تَهاتَفَ مِن ثَناياهُ المغيبْ
قد أَرجَفَت سِيقَانَه ريحٌ مُعربدةٌ غَضُوبْ
قد رَابَهُ عَصْفٌ .. فأَجفَلَ حيثُ أَجفلتِ السُّهوبْ
وَتعثرتْ منِّي الخُطَى أْمشِي على ذاكَ الكَثيبْ
وَنظرتُ للأطيارِ تَشدو ثم تشدو عن شُحُوبْ
وَتُرتِّلُ الأَلحانَ تَنْثُرُ في الفضا اللَحنَ المَشُوبْ
هوَ لَحنُ دنياها تدثَّرَ في السما لَونَ الغروبْ
*
قد جاءَ في الناموس قولٌ يا عصافيرَ الهُروبْ
خَبرٌ بأن الكونَ يبسُمُ للحياةِ على الكُروبْ
يرتادُ ليلاتِ العَناءِ تَنوحُ في كهفِ النحيبْ
لِيُكَفكِفَ الدمعَ الهتُونَ تَجلَّلَ الخدَّ الكئيبْ
والكونُ يرنُو للحياةِ لينشرَ الأَملَ الطَّرُوبْ
لِتُزَغردَ الآمالُ والأحلامُ في عَتَمِ القُلوبْ
والكَونُ يضحكُ إن تَنازعَتِ الخُطا منه الدروبْ
أنغامُه تنصاعُ في شَغَفٍ لتحتضِنَ الشُعوبْ
أَحلامُهُ الأطفالُ تَلهو شاقَهم شفقُ المغيبْ
لكنْ أرى أَحلامَهُ الكُبرى ينازعُها الوجيبْ
وأَرى فؤادِى من صَبابَتِهِ على الشوقِ العجيبْ
قد سَارَ في شَفَقٍ معَ الساعاتِ للعصر القريبْ
مُتَشَمِّراً ليهُزَّ ما بالنفسِ من حُسنٍ جَنِيبْ
ليحطَّمَ الحلُمَ البديعَ فينتَهي الأَمَلُ الخَضِيبْ
ويصوغَهُ نَعشاً فتنمو في طواياه الخُطوبْ
وأَراهُ مرتحلاً عنِ الدنيا إلى نَفَقٍ مُهيبْ
يا ليتَ عُمْراً يُشْتَرَى عَن وَقْفة ِاليومِ العَصِيبْ
*
أَمَلٌ ويومُ البعثِ في الأيامِ فَتَّاكٌ صَليبْ
بَسماتهُ تكشيرُ مَن في فاهِهِ طَغتِ النُيوبْ
تجرى الخُطى منى وتسعى نحو خندقِهِ الجليبْ
هرعت لتنهى كلَّ ما بالنفس من حُسنٍ حَبيبْ
لترودَ سِردَابَ الفنا في عُمره الأبدى الرهيبْ
أوَ هْل تَرانى مُذعِناً إذّاك للخطبِ المُهِيبْ
فَلَسوفَ أَرحَلُ يا رُبى الأَيامِ عن وادٍ خَصيبْ
وَلسوفَ أَرحَلُ ياضحى الدنيا عن الشطَّ الرطيبْ
أَوَ تذكُرُ الربواتُ قلباً في حناياها يَجُوبْ
أَوَ تذكُرُ الأقمارُ طفلاً قد تلاعَبَ في الدروب
أوَ يَدَّكِرْنى الحسنُ ؟؟ إنى كنت مسرحَه الرحِيبْ
وَلَسوفَ يمضى يا غمامَ الطلِّ قلبٌ لَنْ يَؤوبْ
وودَاعكُم يا أيها الأجيالُ ولتحيا عَرُوبْ
والى اللقاءِ بيومِ يصعَقُ كلَّ ناحيةٍ دَبيبْ
يومٌ له وَقعٌ على الأَنفاسِ مِرنانٌ غريبْ
فهناك من خلفِ الحياةِ ورِمسِها يخبو اللغوبْ
وَهُناكَ في الجنات مَعنىً ليس تدركُهُ القلوبْ
وهناكَ أَنغام تَراوحُ بينَ أَمواجِ الطيوبْ
والحسنُ ضَوَّاعٌ على الأعرافِ من عَرفٍ لَهيبْ
زَهرٌ تراقَصَ في الضحى وَهناً بذياك القضيبْ
هَل أَذعَنَتْ نفْسي أَيا زَهرِي فمالك لا تُجيبْ ؟