حنين - حسن عباس صبحي

أحبابنا على الربوع الخضر يا أحبابنا
يا من تفتحت لهم قلوبنا
أكمام ورد مترعات بالسنا
وعانقت ذكراهم أرواحنا
كيف الصباح والمساء عندكم
وكيف حال النيل في دياركم
وخفقة الأمواج حينما تقبل الضفاف
وواحة النخيل والوديان والربا،........؟
أما هنا يا رفقة الصبا
لا شئ في الحقول ييقظ النبات
حتى سحائب الأمطار لم ترفق بنا
جفت صخور الزهر في وادي الرماد
واغرورقت عيوننا لضيعة الحصاد
وجاء ليلنا بوحشة السهاد
يا ليلنا .. رفقا بنا
رفقا بنا يا ليلنا
رفقا بهذي الأعين المسهّدة
أحبابنا أحبابنا
أيامنا بمعزل عن دارنا
أسطورة يخطها الزمان
قاحلة حزينة، باهتة الألوان
نعيش في أحشائها يلفنا الضياع
لا قوت في أرجائها غير الصراع
الضجة الحمقاء في جوف المدينة
تذرو أمانينا كأوراق الخريف
تجتاحنا في غير ما حنان
كسرب طير ساقه الرحيل
لسفرة طويلة على زوارق الرياح
فخف يضرب الجناح يضرب الجناح
لكنه ظل الطريق أثناء السفر
وهام يذرع الفضاء في شرود
ممزق الفؤاد دامي الجراح
تطويه في دروبها غياهب المجهول
مع الليالي الموحشات واختلاجة النهار
تطويه في لوافح الشتات والدوار
أحبابنا ..أحبابنا
((سيزيف)) في أعماقنا يضج بالأنين
يود لو يضمد العذاب بالحنان
إلى متى نحيبه المكبل السجين،
لا يطرق القلوب في جمودها الدفين
لأنها مصبوبة من صخرة الجلمود
لأنها تعيش في مجاهل اللحود
لأنها لا تعرف الحياة والإنسان
لأنها تزعزع ابتسامة الورود
وتقتل الربيع في وشاحه الجديد...
أحبابنا ..أحبابنا
النيل في كياننا ..ترتيلة عريقة بيضاء
فياضة ككف موسى بابتهالات الصفاء
فجرها مزمار داؤد بألحان السماء
ترتيلة نقية كأدمع العذراء
تحنانها يهزنا .. يجذبنا لموطن الصبا
لمرتع الربوع مسرح الربا
للمقرن المفتون بالعناق بين عاشقين:
الأبيض الرؤوم ينبري في لهفة من الجنوب
ويلتقي بالأزرق المصفق الغضوب
لينهضا برحلة الخلود
عبر الفيافي والقفار
ويبعثا، روح الحياة والوجود
وينقشا على سواعد الفلاح
ملحمة تعج بالكفاح
أحداثها من الدموع والعرق
ويا رفاقنا في مهدنا الصغير
شندي..عروس الحقل والخميل
قلوبنا مخضلة الأشواق
أرواحنا تحن للعناق
تهفو لواحة الأطيار والنخيل
وللسلام في ظلال السيسبان
أرواحنا عطشا لأمواه الغدير
تجري...تهدهدها مسارب الوديان
وقد سقتها ساريات المزن من ماء المطر
إنا هنا نشتاق للراعة للأغنام
لنفحة العبير والأنسام
ولإنطلاق الأرنب البري والغلان
في ساحة (الهوّاد) عاشق التلال أحبابنا ..أحبابنا
إنا هنا نرنوا إلى الديار في خشوع
ونحضن العهود في الحنايا في الضلوع
إلى اللقاء يا بلادنا
إلى اللقاء يا رفاقنا
إلى اللقاء في مواكب الربيع
عند الربي الخضراء في وادي الربوع