العمر - نبيلة الخطيب

أغوصُ إلى مكمن الدر فيه
أسامرُ أصدافه الوادعاتْ

أغني فترقص حورية
تصَفق للمشهد الكائنات

وأشعل قنديله كي يراني
ويبصر ما يشتهي من صفات

فيفرح كالطفل في يوم عيدٍ
ويوقظ فيّ صدى الأمنيات

يطوف بيَ الوقت بين الثواني
يُنقّلني بين ماضٍ وآت

ويُلبسني حلةً من نضارٍ
ويمنحني الطيب والطيبات

فأنهل كالهيم عند الهجير
إذا وردت مورداً من فرات

فتغمرني نشوةٌ من بهاءٍ
وتأخذه سَكرةٌ من سبات

يسوق إلى الأمس يوماً رغيداً
ويأخذ كل المنى الغاليات

فليس بمبقٍ سوى لوعةٍ
وقلبٍ يلجلج بالذكريات

يدوّن تاريخه في الجبين
ووشماً يمَوّه كل السّمات

وينشر لون الرماد الكئيب
ويتلف أثوابيَ الزاهيات

يغلف بالثلج نار السنين
ويعكس في النفس شكل الجهات

فقد كنت أشدو لعمرٍ سيأتي
وقد بت أبكي إذ العمر فات

أيا عمرُ إني أحِبّ الحياة
لماذا تغُذ الخطى للممات؟

أتغفل عن عنفوان الجمال؟
وتنكر أيامه الرائعات ؟

تغرّر بي في اغتباش الضياء
تؤمّلني هُدنة من ثبات

****

كما البحر أنت على غير حالٍ
ففيك الهلاك وفيك النجاة

ولهوٌ وجِدٌ وجزرٌ ومدٌ
ونسعى إليك حفاةً عراة

فيلفظنا الموتُ عند الغروب
بعيداً وقد فارقتنا الحياة