ترنيمةٌ للإياب - نبيلة الخطيب

يحاصرُ نبضي الحنين
فتنشَقّ عن دمعتي
بؤرةُ العين
عن لهفتي
جمرة الصبر
عن خطوتي
ألف قافلةٍ للغيابْ
وفي كل هَدهَدةٍ
حيث تغدو عرائسُ روحي
مضمّخةً بالحضور
الذي يشبه المستحيل
وبالوعدِ…
بالأمنيات الكثيرةِ
بالياسمين
يُنَسّمُ حنّاءَها الزنجبيل
وتُذكي ذُبالةَ وجدي
يُبَسمِلُ قلبي
ويرجئ تكبيرة البدءِ
بعدَ انتهاء الكلام
فأبدأ بالبوح للراحلينَ
الذين تُرَجّعُهم بحّة الناي
أو رفة القلب
أو خلجة الروح
أو دمعةٌ أيقظتْ غافلاتِ الترابْ
رهيفونَ جِدّا…
فمِن رَجّة الصوت
يغرفُ إحساسُهم
بعضَ ما خبّأته السّويداء
في غيهب الحزن والصمت والكبرياء
حميمون جدّا..
يقيمون أعراسَهم في ضجيج الوجيب
وحين ينامونَ
ينسونَ ذاكرة الوقتِ
تعبثُ بالذكريات البهيّة
فأذكي قناديلهم بالأماني
وأروي تراتيلهم بالدعاء
وحين يفيقون
يزهو انبلاجُ الصباح
ويعلو نشيدُ القلوب
فيضحكُ وجهُ السماء
قريبون جدّا..
على بُعد نبضٍ
وترنيمةٍ للإياب
أراهم يحطّون بيني وبيني
تناديهمُ الشهقةُ المُضمرة
يقيمون في البالِ
يشطحُ عنهم إليهم
تفرّ على صهوة العادياتِ
إلى الله روحي
تُحَصّنهم بالذي لا إله سواه
وحين يجيشُ ابتهالُ الأماني
وترقى إليه نواصي القلوب
أخِرّ..
وفي حضرة الوجد تعنو الجباه
وعند تجَلّي الصلاة
يفيضُ على صفحة الوجه دمعي
وكل رُكامات نفسي تذوب.