أقرئهُ عنّي الجوى - نبيلة الخطيب

الرملُ يمٌّ والقلوب ضِفاف
والكون إذ أنت الحبيب شِغافُ

الموجُ مَوْرُ دمي وشوقي مركبي
خذني إليه وأضلعي المجذافُ

يسعى الحبيب إلى الحبيب تكتّماً
وإليه سعيُ العاشقين طوافُ

فمن الفجاج الشاردات توافدوا
لا غَرْوَ إذ أنواؤه إيلافُ

يتهامس الخلان ساعة خلوةٍ
ولشجوه في الخافقات هتافُ

هو سيّدُ الخَلق الذي من حُسنه
تتفاخرُ الأخلاقُ والأوصافُ

السيّدُ القرشيّ غُرّته السّنا
وتسربلتْ بضيائه الأكنافُ

الزاهرون الطاهرونَ جدودُه
وجنودُه ورجاله الأحنافُ

تسبيحُه القرآنُ يُحيي ليله
أنعِم به، وحديثُه إتحافُ

يستقطبُ الرحمات فهو نبيّها
في طبعه تتحاور الألطافُ

أقرئه عني ما وسعتَ من الجوى
فله ودادي كامنٌ وعِطافُ

القلبُ سربَله الحنينُ لنوره
والطرفُ من شوقٍ به ذرّافُ

ما زاد عن حجم الإناء مطفِفٌ
إلاّ هواه فما به إسرافُ

إن سربلتكَ طيوبُه قف صامتاً
فالصمت في أعطافه استعطافُ

ولعل دمعك حين يهمي موقظاً
قلب الرمال تبرعم الأفيافُ

ماذا عساك تبثه ؟ واخجلتا
مما يُجن غضاضةً ويُعافُ

في عصرنا المستخلفون تخلّفوا
مستخلفون؟ وأيما استخلافُ

ذبنا على عُرُش التقادم والخنا
أغرى بنا المستعسلين قطافُ

كنّا بلجْنا الصبح في غسق الدجى
حتى انحنت لرجالنا الأعرافُ

كنّا صدورَ العالمين أئمةً
واليوم من دون الورى أطرافُ

وشراذم الأحزاب باتوا أمةً
وكأننا في جمعنا أنصافُ

شقّوا العواصمَ كل عاصمة لهم
ولهم عليها بيرقٌ رفرافُ

الناسُ في كنف الحياة تعجّهم
وتمجّهم ، لكنهم غُرّافُ

إلا الذين قد استقوا فيضَ السّنا
من نبعه فإذا بهم عُكّافُ

ماذا يضيرُ النور في لألائهِ،
بين المغائر أن هذى سفسافُ؟

المؤمنون يُحَلّقونَ إلى السّنا
وسواهمُ تحت الثرى زُحّافُ

في غفوة الآصال يَعتملُ السنا
ليَمورَ في الأسحار وهو رعافُ

حتى إذا ائتلقت غلالات المنى
وتداعت الأسباب والأهدافُ

قلنا بملء الضاد- وهي عظيمة-
إنا وقد سُدنا الدنا الأشرافُ