ذاكرة الغفلة - نبيلة الخطيب

تتمطّى في مرقدها
فوق النخل
وتحطّ على الزيتونِ
الشمس
ترسمُ بالظلّ المتناغم كالأهداب
أغصان التوت الهاجع
والتين…
وتعيدُ تراتيلَ العُنّاب
يفرحُ هُدهدُها بالتكوين
يا فرحي المتصبّبَ
من هجمة إحساسي
كنتَ تراودني
في ظِلّ الدمع
تناجي فيّ حنيني
وتردّ عليّ
لهاثَ أنيني
يا فرحي…
حين يجيشُ السكّرُ
كنتَ تسربلُ
صبّارةَ صَحوي
وترَصّعُ عمري بالمرمر
كنتُ ألاحِقُ
غزلانَ الحلم
على أخيال النوم
لكنّي حين
تحلُ بيَ اليقظةُ
أتماهى في الصحو
فأسكر..
يا فلَقَ الصبح
أنا امرأةٌ
أشرقت الشمسُ
على بحر ندايْ
وامتدّتْ ما بين الميلاد الغضّ
وسنّ الرشد
يدايْ…
كنتُ دخلتُ إليّ
فانعكستْ روحي
في صفحة وجهي
وتلاشت فيّ
حينئذٍ…
بعثرني الضوءُ
وجَمّعني الظلّ
وما زالت تبحثُ
عن دهشتها الأولى
عينايْ
حين تطل الشمسُ علينا
يشهقُ خصرُ التفاح
ويمتلئ الرمان
والأرضُ الراقصة الجَذلى
تُهدي رقصتها للغلمان
والشمسُ تلوّحُ وجه الأرض
ال… أتعبه الدوران
حين تداهمنا الأسرار
ونفكّ بصدر الراقصة الوحشية
بعضَ الأزرار
نتناومُ تحتَ قميصٍ
مِن ظلّ السُكنى
بعضٌ يتلَظّى مذبوحاً
والبعضُ يعبّ الحُب
ليس الكلّ سواء
لكنّ القسمة عادلةٌ
فالوجه الحنطيّ الرائع
موطنُ كل عناوين الحَصّادين
وهو فقط
من ليس له عنوان
نامَ الزغلولُ على كفي
ضمّته أناملُ روحي
كيف أطيّرُ زغَبَ الوجد
وأنهَرُني من أوّل ورد؟
يا صاحبَ هذا المُلك اللامتناهي
دعني أتجرّع
رشفة نورٍ
من فيضك
فتُرَدّ حياتي
من غفلتها
فيّ إليّ
كم مرّ على سنواتي مِني؟
سأعُدّ تجاعيدَ الوحشة
في أيامٍ
حرَنت قبل لجام الوقت
سبقتني العُزلةُ
شربتْ من جُرحٍ
كانت نسيته الغفلة
في القلب
فتاه…
وعلى مرمى النبض
المسترسل بالنزف
أضاعَ فتاه
غابَ طويلاً
لكن في إجفالة وعدٍ
صَحّته الآه
كنتُ ضممتُ
إلى الجرج يدي
فانقلبتْ سوداء
كلون الظلّ
إذا غاب الضوء
بعصايَ ضربتُ الماضي
فانشقّ الحاضرُ:
نصفٌ في اللحظة أشهَدُه
والنصف الآخرُ
في عمر الغيبْ
أخشى أغفو وأبَدّده
كيف أسمّي المنشورَ
على حبل اللامعقولِ
فرحْ…؟
كيفَ أفسّرُ للعمر الضارب
في ذاكرة الغفلة
حين يؤرجحني الغيمُ
على قوس قزحْ
أني قد بتّ عجوزاً
تسكنني طفلة؟