رحمة - نبيلة الخطيب

رحمة…
يا الومضة في ديجور الظُلمة
من أيّ حنينٍ أبدأ
سردَ مقاماتي؟
نارٌ عَتّقها الشوق
والنبضةُ أدمتْ قلبَ العاشق
أنهكها خفقانٌ أبديّ
يا رحمة…
للصبر صليلٌ ورديّ
أنشر ورديّةَ صمتي
حين تضجّ حكاياتُ الغربة فيّ
لمّا انتبهتْ غافلتي
ال… ما غفلتْ يوما
ندَهَتْ….
أين تُراك؟
ما أندى تلك النظرة
كانت تُلبسني إكليلاً
من عبَق الصبح
ما أروعَ أن أتماهى فيك
إلى أن يغسلني النور
يُلهمني آلائي وجهُك
وحين تُعَرّي روحي الكلمات
يكسوني وجدُك
أستبقُ إليكَ دقائقَ عمري
أخشى أن تخذلني برهة سنواتي
كنتُ نشدتكَ في ذاتي
أين تُراك؟
أينعتَ زماناً في وجعي
فأحلتَ سُقامي ترياقا
وتلمّستَ ذبالة روحي
فجعلتَ العتمة إشراقا
أين تُراك؟
وأين تُرى غابت رحمة؟
رحمة كانت آخر بابٍ
إن وُصِدتْ في وجهي الأبواب
رحمة كانت آخر خيطٍ
إمّا انقطعتْ كل الأسباب
رحمةُ…
حينَ تلبّستَ الروحْ
غمرَتني…
هجعت في جسدي
روحاً من إلفة
نسجَتني ألَقاً
من نور وعبير
فغدوتُ كياناً من لهفة
أين تُراك؟
يا رحمة..
طيفك مُذ باتَ يناديني
فتّحتِ نوافذ تكويني
والريح تُعَرّي أعصابي
تبذرُ في حقل الروح زؤانا
وغيومٌ في أفقٍ مهجورٍ
تمطرُ إحساسي مِلحا
يطحنني تفكيرٌ محموم
تأكلني غربانٌ سوداء
ووحوشُ الغربة لا ترحم
إيهٍ رحمة…
الرحمةَ يا حَصّادَ علامات الشكّ والاستفهام
الرحمةَ يا جابي الملحِ
الذائبِ في جرحي
أفترشُ نهاري
فيُغطّيني ليلٌ أعمى
خذني لزمانٍ غير زماني
كي تصنعَ مني غيري
بَدّل تاريخي…
أفكاري… ناري
عمري… عصري
كريات دمي ..
جينات أبي حتى الجدّ السابع
واخلعني مني
وأعِدْ تشكيلي
لكن…
حاذر أن تجمعني بي
قبلَ ولا بعدَ التكوينْ
وارسمني عند وضوح الرؤيا
بالأبيض… والأبيض
فأنا ناصعةٌ أعماقي
وجهي لا يخضعُ للتلوين.