النيـل والزمـن - محمد أسامة البهائي

النيل رحال في السنين م الأزل
عايش فى وسطينا حقيقة ومَثـَل
وعمره عن حد فينا ما أنـعزل
لا، كـَل في يوم ولا انهزم
فارد في الأرض بالخير والنعم
وراضى بكل اللي بيجرا له ... وساكت
ولأنه مايهواش البور مايغواش العدم
ومهما شاف م الخلق ويشـوف
مايتمناش يجى الوقت و يترد م
وعـدناه ياما وكل وعد مخلوف
لكينه هايفضل النيل الشامخ الأصيل
اللى عمره ما ينهزم ولا يتهدم
النيل دايما حاضر
والنيل عمره ما هرب
وياما دارت ع البيوت قرب
وكان السقا يرضى بقليلة
وياما شد من حيلة
لجل مايباتش بيت عطشان كرب
والميه كانت ميه المحياه فى الحر
وفى البرد زمزم على سلسبيل
المشربيات عمرانة بقلل نسمة التراسينه
والحوارى ماتـخلاش من سـبيل
لكل عابر سبيل يروى عطش السكة
والغيطان اللى رواها النيل طراحه
بعرق رجاله راضعه م النيل أخلاصه
ومصاطب اللمة اللى تتراحم عليها القلوب
زى خلوة الجامع حاضنة اللى بيتوب
ومكانتش المعاصى تتخفا ورا توب
وتلعب الناس بالناس ع الشناكل بريح هبوب
كانت الميه كما الميه بتوهب لحياة الخلق حيا
كما النيل اللى اتوهب من رب الوجود والحيا
تدور سواقى الغيطان لجل تنول الرضا
و وابـور طحين البلد فرحان بخيره ولايعصلجش
وبالمواسم يفيض النيل الفيضان
لا انتظر زفه جميلة العرايس
ولا خروج الناس على سنجة عشرة
بسعف النخيل مطبلين ومهللين
والكام نهار اللى غابت فيهم الشمس
كان النيل بنفس الوداعه
ونفس رتابه مجراه والقوة
كانت الشمس تنكسـف م النوه
وف ليالي صفا العشق
يتخنـق ضي القمرخنق
ما ترجع له روحه إلا
لو شاف محايله ومداديه
وشاف صورته ع المايه
والداء على قد ماهوا
في قلب القلب كنا بندفـنه
لجل ضحكة لحظة بشوق ولهفه
نصبر ونغنى لحزننا الدفين ونهننه
والخوف يصور ويجسد بخياله الجامح
ندهات النداهة عروسة بحر النيل الكبير
ونرخى عيوننا بدمعاتها الغزيرة
تنطلق في عروقنا شرايين غضب
ونشكل الحلم الحقيقى بأيدنا نفصل تفاسيره حياه
ونعيشها حياه فى حضن النيل
وأحنا بنعزف آهات موالنا والغوايات
وكان للبدن نسمة ارتياح يحس بيها هوا
ويعرف كيف يبقى الدوا بعصارى النيل
ويهز بكفوفه القـلق والحزن ع الضفتين
ويضمد جراح الزمن فينا
والولاد تشرح القلب العليل طلعتها تشق الصخر
تنقش دمها حكايات للمجد والأجيال سطور وسطور
ومنين ماتلمح عينيك تتوه في دواير دهشتك بالفرح
وياما جاد الزمن ع الخلق جود وكرم
اتبدلت لايام بوجعها وعذابات الأرض متراكمه ومتجمعه
وداق جوانا الخلا الفسيح الرحب ع الاخر
وبنسافرفى البنايات الخرسانه والاختراعات
وبندور للفطرة والطبيعة ع الضد والموات
وبتسافر في حشانا خطى الأيام اللى بتزيد مرار
تتوه في الرحلة أحلامنا المسافرة خلف خلافنا
تختفي المعادن وتتلون ملامحنا
ولما نكون ساعات احنا
كتيـر ما نعرف لفين روحنا
والسفر مسافر بينا وبهمومنا وجروحنا
على قد غربتنا في روحنا من توهتنا
نخرج للبكا زى الضى ماتلمناش مطارحنا
وفي قلب عجلة الزمن الدواره طواحينها
نستغرب وجع غربتنا المريرة ونتباكى
ما نحس بالفرقه غير والألم حارق في القلوب
وكل نهارات الشمس غروب وهروب
لترحال محفوف بالعدم
يرحل كل مين خطا بقدم
ولا يتبقى غير حزننا الدفين
يصاحب كل خطوة بنخطيها
لجل مايصفى فينا بالمعاد والأجل
اللى راقد ع الدنيا واللى آخدها بعجل
وتفضل يانيل توهبنا الحياة بالأمل