أخطاء المعنى - أديب كمال الدين

أعتذرُ اليومَ إليكِ: إلى خطأ في أطفالِ الطين،
خطأ في دمعِ الظالمِ، في طعناتِ المظلومين
خطأ في حبّ حطّم فيّ الأبواب وأوصدني بالمزلاج
أعتذرُ اليوم
قوّمتُ بأرضكِ قومي..
كانوا أشباحا ًسلبوا أصباغ طفولتهم
من ساقيةِ الأسباخ
ناموا منتصف الليل عراةً كالأسماك
وارتحتُ إلى ميسمكِ المفتوحِ كشقّ التفاح
كنتُ أوزع خطأ مضغوطَ الشفتين ومرتجف المعنى..
أسبحُ في موجٍ أخضر أطفو كالطحلبِ أغفو..
سكّيراً تعتعه الخمرُ المرّ
من بابكِ حتّى محرابكِ حتّى موتك
قام الليلُ الأسودُ فجرا ًوانفتح الصبحُ رسولاً من ماء
للعطشانين بجمرِ الصحراء
قام النخلُ كأبريقِ الساحرِ، زقزقت السعفات
وانفجرَ القمحُ على بابِ الزقّورات
قمتُ فقام إلى موتي الأخّاذ حمورابي يتظاهرُ بالهيبة..
أنكيدو يركبُ رمحا ًمن ريش النار
كلكامش في بابِ العصرِ يغنّي
ونبوخذنصر يرسمُ روحَ المعنى في قلبي
ويعاشرُ أفخاذَ النسوة مجنوناً مثلي..
قومي، قام الليلُ إلى فجري
فاكتحلتْ عيني وأضاءتْ محجرها البارد
نهض الموتى قرب الباب انشقّوا
كالومض ِ، انشقّوا كشياطين صغار
قومي ، أثلجني موتُ أبي، عذّبني دهري الأعمى..
صرخاتُ الجدّ المحمول على رمح المعنى
من بابكِ حتّى محرابكِ حتّى موتي
أشفقتُ على نفسي
كان الدهليزُ صغيراً وأنا أدفعُ لولبَ غصني..
مملوءاً بالزيتون، أنادي علّ الغيمة تجلسُ في حضني
جلستْ، فتدثّرتُ بغيمتكِ الخضراء
وبكيتُ كما يبكي صوفيّ عمّده الشيطان
صحتُ انقلبي فيّ ولا تقتربي
وانشقّي فيّ ولا تنفتحي..
وانفجري فيَّ ولا تنهمري
أرعبني صوتي..
اهتزّت شفتاكِ.. الرطبُ الأحمرُ شهداً
سقط َالرطبُ الأحمرُ شهداً
فبكيتُ، صهلتُ بقهقهتي
عذّبني العصفوُر الداخلُ فيّ وأيقظني هدهدُ رأسي..
ديكُ دموعي وهزارُ عذابي
قمتُ إليك
كانت أرضُ اللهِ تغرّد فيك
وأنا أعتذر اليوم إليكِ: إلى
خطأ في اللهجةِ من خطأ في المعنى..
خطأ في البهجةِ أو خطأ في الدمعة
خطأ في خطأ في خطأ الرأس
خطأ في خطأ الرمحِ الداخلِ في الرأسِ، انهارتْ أركاني
هبط البحرُ إلى موجي..
ركبَ الأزرقُ أخضرَ روحي..
فأبيضّتْ عيناي من الذلّ
قمتُ إلى ثدييكِ أناشدكِ الرحمة..
كانت كلماتكِ جثثاً تتساقطُ من سعفاتِ الرطبِ الأحمر
كانت كلماتكِ أطياراً موتى فضحتْ جسدي..
من أقصى جسدي حتّى أقصاه
كان اللهُ يراقبُ خيبةَ أخطائي..
ويناشدني أن أصمدَ وسط الريح وأن..
لا أنهار كسدّ من طين.