إلى لغة الضوء أقود القناديل - باسم فرات

أيّ حُلمٍ يُجففُ طفولتي
أي حلمٍ يشقّ صباحاتي
أنا الأخير في قافلة العزلة
صهيلي يتكئُ على صحراء فاض حدادها
ويهرول بين الامطار وبين الشظايا
كيف لي أن أترك نسياني
يوزّع ذكرياتِهِِ باتجاه الألم
ولا يصرخ : يا بلاد استرجعيني
البراءة عزلاء إلاّ من السواد
وأنا أتلمّس دمي
وحيداً في ساحة العرضات
يطلق النارَ على الريحِ
ويفتكُ بأوراقه الصدى
لا ظلالَ لهدوئه كي يستقيم
كيف لي أن أبلّ نسياني
بهزيع التمائم
والرازقيّ يَسيلُ أسى
كانت البداية
جمرتان تزفّان الأفق
وتصهلان عند الباب
بلا أجوبة
كانت البداية
أن أشذّبَ حزني
ينوء
بخاصرة الحلم
وأنا أعدّ حرائق أيامي
أعدّ نتوءاتها في ذاكرتي
لي لغة النيازك
وشهوة أرخبيلات تضيق بهن القصائد
لا دليل لبوصلتي
غير الأسى
والفجر معبأ في شاهدة لماضيّ
أُرثيكَ يا جموح لأن جناحيك
أنشوطتان للنهار
بينما البحر يهّرب الأصيل الى ضفة بلا هوية
...
الشفق جغرافية دمنا
أنا وبغداد
نجلس معاً على شاطئٍ نعرفه
نحتسي خرابنا
بغداد ...
ليلٌ يُجفّفُ عتمته بضيائي
سلاماً مناديل الوداع التي جففها مطر الانتظار
سلاماً عباءات الدموع التي هي تاريخنا بلا شك
أنت وحدك
تملأ الأنهار أغانٍ وذكريات
وتعري الموجة من هذياناتها
تزهو بحطامك
وبحطامك تفرك عن طفولتك الطائرات والخنادق
لك مواقيت الآس في النرجس
وهو غارق في رؤاه
وتكتب إليك :
أخطائي
تابوت ...
يصرخ خلفي لاهثاً
لغة ضيعتها حروفها
حتى تعرت بلا مأوى
شعوب تهرأت من البوح
في قفص الأمنيات
أخطائي . . أنا
أخطائي
أبي . . خطأ يتناسل
أمي خطأٌ ينتظر خطأً من أجل خطأ
أنا خطأ يعدّ الخطى فيخطئ
كيف لي أن أترك نسياني يتشظى
وفي النخل
أنين ينزّ
أنا السُومَريّ
المدجّج بالاحلام والأسئلة
متلكئاً
أنفض الحنين عن أصابعي
أرتجف داخل حياتي
عبثاً أنزع الخوف عن وسادتي
أمسّد عذوبة الغابات
أواري خجل البحر
أمام رعونة الموج
أقود القناديل الى الضياء
وأرتّق صبرها
...
غير عابئ بالخلود
غير عابئ بالأفول أيضاً
أخمش الآفاق وأمضي . . . .
أنا جنّة نفسي وقيامتها
بتؤدة أشير للرياحين . .
بتؤدة تنساب الحقول فوق سريري
تنضح الضفاف عويلها بقربي
بينما النشيج . . يندلق عبر نوافذ الأنتظار
بتؤدة شغفي يتسلل خفية
ألمسه . . .
أحرثه في النهار . .
ويحرثني في الليل
شغفي يجرّ النهرَ الى الصحراء
والعطشَ الى لسماء
ثم ينتحبُ أمام وحدانية براءته
شغفي يَتَهَجّدُ في موقد مشاكساتِهِ
حاملاً الجمرة في تباريحهِ
أيّ الأزقّة تفتح قمصانها للغريب
أعلّقُ على الجدران انكساراتي
وأتوسد الحنين
لستُ إلاّ الأخير في قافلة العزلة
ولأني بلا أمجاد ترصّع حياتي
تركتني أحلامي ومضت
على الشبابيك تركت تلهفي
والأبواب تركت عليها خيباتي .