بغـداد - باكزه أمين خاكي

"ومضت بنا الأيام وكبر الأولاد وذهب كل إلى غايته واتسعت مساحة الفراغ للحنين"
*
(2) قالـوا لي اختاري قصـراً على السـين
جدرانـه عـاجٌ ..
أبوابه من خشب الصندل منقوش من الهند
حراسـه ألـف .. ألـف مـن الجنـد
قلـت لهـم كوخـاً.. في جانب الكرخ
(3) تحرســه نخلــة .. تحيطـه الدفلـة
كـوخ ٌ على دجلـة ..مبـنى من الطين
.
قالــوا لي اختاري ثوبـاً دمقسـيـاً
شـالاً مـن القـزِ ..
عقـداً زمرديـاً .. تاجـاً من الـماس
قلت لهم سترى عبـاءة أهدتـها لي أمي
في يـوم ميــلادي
بشرطهـا الصـارم أن تبـقى لأحفـادي
لأنها من صـنع أجدادي
وتاجـي اللألأء إكليـل مـن الغــار
زينـت به رأسـي .. في ليلـة العـرسِ
تـاج من العـز .. تـاهت بـه نفسي
زهـواً بأمـجادي
....
و عقـدي الغالي !! لا يشــرى بالـمال
فعقدي الغالي حباته مسك من طين بغدادِ
بغـداد يـا حنـة .. عروسـة الدنيـا
ترابـك كحـل .. وطينـك حنــه
.....
قالـوا لي اختاري ..
من مدن الدنيـا .. ما شئـت فاختاري
قلت لهـم :-
أختـار مـن ؟ أختـار مـا ؟
ليس سوى بغـداد ... يا نوارة الفجر
ليس سوى بغـداد... يا أغلى من العمر
....
واشتـد بي سقمـي واحتـار أطبائــي
نظرت للصحـب.. يا أخـوة الـدرب
أعيـاكم دائـي
"عذق" من التمـر .. من شاطئ النهـر
رؤيـاه تشفيـني
....
إن حـان لي أجلى لا تذرفـوا الدمـع
بل أوقـدوا الشمـع
و أرمـوا على رمسي فرعـاً من الـورد
إن أينعت وردة في ثـوبـها القانـــي
تتيــه بالحــب
قولوا لهـا أنى سقيتهـا عصـارة القلـب
....
لا تعتـبي بغـداد إن عشـت على النيـل
فالنيـل للوجـدان من أحلـى الـمواويل
يكفيـه أن ورثنـا قدسيـة الأوطــان
من جيـل إلى جيـل
*
السين : نهر يجتاز باريس (2)
الدفلة : شجيرات زهورها حمراء وبيضاء (3)