كنوز الحب - حمد بن خليفة أبو شهاب

عيناك علمتاني الحب والأدبا
والشعر والنثر والتاريخ والكتبا

لولاهما ما عرفنا للوفا سبلا
ولا عرفنا على الأيام ما وجبا

ولا أفضنا بما تخفي ضمائرنا
من الكنوز لجينا كان أو ذهبا

قد كان نبع الهوى في رينا سببا
أفادنا فشكرنا ذلك السببا

فالحب منه بداياتي ومنطلقي
إلى الحياة به قلبي شدا وصبا

على يديه نسجنا ألف قافية
غنى الزمان وأهلوه بها طربا

واخضر منها جديب الفكر فاتزرت
بها النهى وارتوى من فيضها الأدبا

ما أخرج الشعر هذا من جوانحنا
إلا المحبة لولا أمرها لأبى

( عيونه ) من عيون الحب مترعة
فإن شكا ظمأ، من نبعها شربا

قد حبب الحب لي ما فيه من غنج
يطفي لظى الشوق من قلبي إذا التهبا

وحبب الشعر لي ما فيه من حكم
إخالها في دياجير الدجى شهبا

وحبب النثر لي تاريخ من سلفوا
قراءة تبعث الأسلاف والحقبا

أدارس الدهر فيه ألف حادثة
عن القرون وأروى عنه ما كتبا

وما روى ابن جرير في مسانده
من الوقائع عمن خط أو صحبا

وابن الأثير وما تحوي ملاحمه
وما روى من أحاديث الورى عجبا

ما للتواريخ لا تنفك تصحبني
أنى ذهبت ولم تذهب كمن ذهبا

أعيشها بالثواني إثر ثانية
وقد أراني الرواة الجد واللعبا

ليت الليالي التي أبليت جدتها
بحثا عن الحق أقفوه وإن حجبا

تذاكر الناس عن جهد ومعرفة
وتسترد من التاريخ ما سلبا

ففي الروايات أهواء وأمزجة
وظالم الصدق لا يستشعر الكذبا

لابد لابد من تمحيص ما نقلوا
وما رووا منه شعرا كان أم أدبا

لو أن من كتبوا تاريخنا صدقوا
وأنصفوا ما لقينا بعدهم نصبا

قالوا لنا إن في تاريخكم عبرا
وإنما صحفوها فاستوت عربا

لكن منهم على علاّتهم نفرا
تحروا الحق فيما قيل أو كتبا

فهؤلاء لهم في النفس منزلة
كبرى وقول سواهم في العلوم هبا