الحكم للعمل - حمد بن خليفة أبو شهاب

ما صوح الشعر يا ليلى ولا ذبلا
لكنه بأريج الحب قد ثملا

كالورد يغفو على كف الندى فإذا
كف النسائم مسته انتشى جذلا

واخضل يخطر مختالا ونفحته
ما ضوّع السهل منها عطر الجبلا

قد أسلس الحب منه كل مفردة
وأحكم الحسن منه الوصف والمثلا

ورقق اللفظ معناه فصيره
نبعا تسلسل فياضا لمن نهلا

يا رقة الشعر فيك الحب ما فعلا
حتى تحولت شهدا يخجل العسلا

فإن شدا فحمام الدوح نغمته
وإن همى فرذاذ القطر ما هملا

يا فارس الشعر لا تبخل بجيده
إن استطعت وإن لم تستطعه فلا

فليس في لغة النقاد مرحمة
إذا رأوا في ثنايا شعرك الخللا

فلا تقل غير ما تسمو العقول به
ما لذ سمعا ومرأى راق فاكتملا

فأخلد الشعر في الألباب أجوده
مازان لفظا ومعنى حقق الأملا

وما الشوارد إلا كالأوابد في
نفارهن فلا تستعجل الجملا

واحكمه قافية واختر فرائده
من الروائع إن مدحا وإن غزلا

طرقت في الشعر أغراضا منوعة
ولم أغادر من الأبواب مدخلا

مدحت أرخت ساجلت الذين لهم
علم وما كنت إلا المتقن العملا

إن صنف الجهل خلف الركب راحلتي
فالحكم للعمل لاما صنف الجهلا

وقد تيقنت إن الشعر أصدقه
ما قيل في الحب جار الحب أو عدلا

فاعجب له إن نأى فاضت محاجرنا
دمعا دعاه مليك الشوق فامتثلا

وإن دنا عن رضا من بعد جفوته
له نسجنا برودا تفضح الحللا

لولا المحبة لم تسم النفوس ولم
ترق الشعوب ولا ورق الربى هدلا

ولا رأيت كريما عم نائله
وإن تهكم من إنفاقه البخلا

أو أن من خلقوا للحب قد صدقوا
لانهار ظلم وحقد قاتل وقلى

تبارك الحب ما أحلى شمائله
فلا تسل عن مزاياه سوى العقلا