دُكَّانُ أمين - سالم أبوجمهور القبيسي

كانَ دُكَّانُ أمينْ
مِنْ زواياهُ يَمُرُّ العَالَمُ الثالثُ
و الرَّابعُ و العاشِرْ !!
يَمُرُّ الناسُ
و الأطفالُ يأتُونَ بأسلاكِ النُّحَاسْ
و يَبِيعُونَ التَّعَبْ
و يَبِيعُونَ قليلاً
مِنْ شَقَا قَيلولةِ كَسْلَى
يَبِيعُونَ قليلاً
مِن ظِلالِ النخلِ
و الفَقرِ الجَميلْ !!
***
كانَ دُكَّانُ أمينْ
مِنْ تجاعيد الأساطير القَديمَةْ
و بقايا البَحرِ في قَلبِ المدينةْ
رَقَدَ العُمْرُ على أعتابِهِ
والتواريخُ غَفَت
تَلْثُمُ الأمسَ
وتَشتَمُّ حَنينَهْ
كانَ عُنواناً خُرافياً جَميلاً
مِنْ عناوينَ المدينةْ
***
كانَ
كانَ
وَيحَ كانَ !
تَحَّفَت حُلمَ القَمَرْ
تَحَّفَت مَوّالَنا البَحرِيْ
و ألعَابَ الصِّغَرْ
سَردَبَتنا في كُهوفِ الذاكِرةْ
وَيحَ كانَ
عِندما صِرنا بلا وَجهٍ !! ، أتتنا !
تَرسُمُ الماضيَ وَجهاً !
و مِنَ اليوم المُقَرصَنْ
سَرَقَت ساعاتِنا !!
وَيحَ كانَ
تَخلُقُ الأعذارَ و الحُزنَ
لِيَومٍ مُنكَسِرْ !
***
يا أمينْ
يا أمينْ
عُدْ وخُذْ ما شِئتَ
مِنْ غَيرِ ثَمَنْ
يا أمينْ
عُد حنيناً و اشتياقاً
مِن خلايا سُوقِنا المسقوفِ
بالذكرى و أحلامِ التُرابْ
عُد بما أبقَيتَ مِنْ ذاكرةِ المِلحِ
و أنفاسِ الفَخَارْ
يا أمينْ
عُد بِوَجهَينِ
لأِرضٍ و وَطَنْ
وضَعِ الميزانَ للقلبِ
وخُذ ما شِئتَ
مِنْ هذا الشَّجَنْ
***
سَيِّدَ السوقِ القديمْ
كيفَ تَرضى
أنْ تُزَاحِمَني وجُوهٌ
مِنْ رُخامٍ و دُخَانْ ؟
كَيفَ تنساني
مَع النسيانِ و الأحزانِ
كَيفْ ؟!
يا أمينْ
لَنْ أقولَ اليومَ
مَنْ أنتَ
و مَنْ هذا الزمانْ !
لَنْ أُعَرِّي قَدَريْ
يا أمينْ
رُبَّما أنت كقَلبي
تَعشَقُ الصمتَ و تَمضي
بَعدَ إِنزَالِ الستائِرْ
و انـهِزَامِ البَهلَوانْ !!