أحلام زرقاء.. في ظهيرة قائظة - عدنان الصائغ

… بمحاذاةِ الجدرانِ المتآكلةِ الألوانِ
أسيرُ وحيداً..
أتفيّأُ هذا الظلَّ المتعرّجَ، منعرجاً
لشوارعَ دون ظلالٍ
وشوارع مغلقةٍ
وشوارع لا تؤوي الغرباءْ
وظهيرةُ تموز تصهرني كالقيرِ المائعِ..
ياما كنا نركضُ فوق لهيبِ الإسفلتِ، حفاةً
نحو النهرِ…
وياما..
لكنَّ النهرَ… بعيدٌ
– كطفولتنا –
مَنْ يعرفُ في كركوك، الرجلَ الرثَّ، المتسكّعَ
في هذا القيظِ، وحيداً…
دون صديقٍ
وكتابٍ
تلفظهُ الطرقاتُ
وتشويه الغربةُ، والقيظُ، وآهِ الكلماتِ، وآه…
أحياناً يجلسُ في المقهى
وسطَ ضجيجِ الدومينو، يكتبُ شعراً
يصفنُ ساعاتٍ دون حراكٍ
ويعلّقُ عينيه الشاحبتين على مسمارٍ..
أو نجمٍ مصلوبٍ
.. أو امرأةٍ عابرةٍ
ثم – بلا تخطيطٍ – يدفعُ بابَ المقهى…
مندفعاً نحو الشارعِ، ثانيةً
لا يعرفُ – كالضائعِ، كالسائرِ في الحلمِ…
إلى أين تسيرُ خطاه التعبى..
وشوارعُ كركوك، تأخذُ - في هذي الساعاتِ المحروقةِ -
قيلولتَها…
حتى زهرة عباد الشمس…!
انكمشتْ في الظلّ
لكنّكَ – يا أبن الصائغ – تمشي محترقاً
تأتيكَ من النافذةِ المفتوحةِ، أحياناً،
رائحةُ امرأةٍ بثيابِ النومِ…
وأحياناً، تهرشُ أمعاءَكَ رائحةُ الأكلِ
وأحياناً، تتلصصُ في وجهكَ – هذا المحفور بخارطةِ العرقِ، المغبرّ من التجوالِ المضني –
نظراتُ عجوزٍ، باردةٌ
أحياناً تتمهلُ – في العتبةِ – محترساً، ملتصقاً
فيرشُّ ظهيرةَ وجهكَ بعضُ رذاذِ هواءٍ بارد،
يتسرّبُ من فتحةِ بابٍ ما……
أتركُ وجهي يتبرّدُ، ملتذاً – بعضَ الوقتِ –
وأحلمُ…
– من خللِ البابِ المفتوحةِ للنصفِ –
بأشياءٍ زرقاء
آه…….
- يا ابن الصائغ - ……
لو……