تهذيب الألم - علي محمود خضير

ليسَ من أجلي أنهضُ كلَّ صباحٍ بصوتٍ يتكسرُ
وحلمٍ يصدأُ.
ليسَ من أجلي أجولُ كلَّ يومٍ الأرصفةَ ذاتَها.
ضاحكاً من كتابةِ ذكرى، مؤجلاً غَدِي برعبِ يومي.
متوثِّبٌ للنسيان. مخلصٌ للسهو
أسهو عن مخاذلِ العيش
عن الأصدقاءِ وهم يكذبون
عن جثةٍ -هي الحقيقةُ- تبلغُها فتموتُ بين يديكَ
عن رِعدَةٍ تجيءُ وتنسلُّ دونَ اكتراثِ أحد
عن ظلٍّ زائفٍ وشعوبٍ بآجالٍ ورقية
عن الخيانات
عن أطفالٍ يموتونَ قبلَ أن يُدركوا الرمق
وعن شتلةِ المطاطِ تموتُ في الزاويةِ رغماً عني
....
ليس من أجلي
أرصفُ أيامي لأنساها
لأستقبل أياماً قديمةً، كي أنساها مرةً بعدَ مرة
أنا الذي أُريقُ عمري باحثاً عن عينٍ نظيفةٍ وقلبٍ طفلٍ
عن أجسادٍ من الضوء وملائكةٍ ممكنين
عن جدرانٍ بلا لافتاتٍ ورفقةٍ لا يضعون أقنعة.
من أجلهم،
الساهون عن الحياةِ بالحياةِ
ناكثو العُهود، خبّازو الأفئدة
أنهضُ كلَّ صباحٍ بصوتٍ يتكسَّرُ وحلمٍ يصدأ
واضعاً رهاني كي أخسرَهُ
أضعهُ وأعلمُ بتصدعِ الروحِ وهشاشةِ الشكوى
باللذاتِ التي خسرِناها وتلكَ التي تنتظر
بأرباحِنا المختنقةِ، بأصابعِ القدر
...
ليس من أجلهم
ولا من أجلي
أجلسُ كلَّ مساء
أفكرُ كيفَ أنَّ أحزانَ الآخرين، دموعَهُم وخذلاناتهِم المُرّةَ لا تُعير اكتراثاً لأحد.
ترقُدُ منسيةً ومُهملةً، كإطارٍ على الطريقِ السريع.