الخيبـة - علي ناصر كنانة

أنامل زجاجيةٌ قاتـمةْ
تتحسسُ بقايا الحلم الطريد
تعبثُ بتأوهاتِ الجراح
وتباغتني بأسئلةٍ مريبة.
...
المتاهةُ تنشرُ صحراءها
ويدايَ الحجريتان
تجّدفان في رمال الحيرة...
وليس سوى براز الإبل
وآبار ارتوازية ناضبة!
...
القلبُ الذي خلعَ الخوفَ
هل يرتدي آخرَ قمصان المغامرةْ...؟
والغربة التي تسلخُ جلدَ الحياة
لا تهدي معاطف الفراء!
...
الرماد المفجوُع في قاعِ الموقد
يحاصرني بعتابٍ أكيد
وبريقُ عيونه القتيلة
لظى في عينيَّ المجهدتين
...
لم يغرقني "الغرّاف"
بعتاباتهِ المؤجّلة
حين عاودتُهُ شبحاً..
ماذا سيظن الآن...؟
التساؤلات بلا صدى
والكلمات لا تداوي جراح نهر.
...
"أنا الغريقُ... فما خوفي"!؟
قال اليأسُ الشجاع!
الرياح تنسفُ الأشرعة
والأمواج تلتهم السواحل
ولا موانىء صديقة.
وزوارقُ من ورق
والروح عبّادُ شمس.
...
بواباتُ العالم مشرعةٌ بشماتةْ
وأنا أقفُ بعينين حائرتين..
"مثلثاتُ برمودا"
تفغرُ أفواهها لا بتلاعي!
...
حملتُ ظلامي معي!
أتحرّى عن النور
في عالمٍ لا يضيء...
فالمصابيحُ مخادعةٌ
والفصولُ مخادعةٌ
والسماءُ تتدّثرُ بإزارٍ كئيب.
أصرخُ عبر وهمِ الحدود:
- أيها "الرفاعي" العزيز
أعدني إليكَ بلا عتاب...
فأنا جثةٌ من أسى
قتلَني أخي..
وخاليةٌ هذه الديار... من الغربان!
...
كانت قواربي بلا بحار
غدتْ بحاري بلا قوارب
يا لفجيعة الخيبة!
"أُمَّ علي"* احتضنيني:
* ولدتْني... وما ضحكتْ... أمي التي لو بكتْ...
بلا قوارب ولا بحار! كيف لا يزلزلُ الله عرش الطغاة
ثأراً لنحيبِ سماوي...؟!
*
3 أغسطس 1988
الكويت