التنخّــل - علي ناصر كنانة

على بقعةٍ
من فضاءِ الجليدِ
الموشّى بوهم البياضِ
رمتْني الحدودْ.
ركامُ من الوجدِ
والذكرياتِ
يعاتبني كلّ حين...
كلمّا وخزتْ
أبرةُ الضيمِ
أضلاعَهُ.
وساومتُها
أن تهادنَ روحي
لتألفَ وهمَ الجليدْ
ولكنها..
كلّما هطلَ الثلجُ
أيقظتْ في الحقولِ
حرائقَها.
فقلتُ : افعلي
ما يروقُ لروحٍ كمثلكِ..
لا تدحلبُ خلف القوافلِ!
فهاجتْ ركاماتُها
كأنّ بها:
كمأً يرتوي بالرعدْ
غيمةً من حنينْ
أمطري... أمطري...
فما كان للنخلِ
أن يتباسقَ فوق الجليد...
وها هيَ جذعاً
غدتْ قامتي
وسعفاً يداي
وأشهى التمورِ
تهدّلتْ من عذوقي
معتّقةً بالشموسْ...
والرياحُ تقاتلُني
أو تناورُ
وسعفي - عناداً -
يبالغُ في الانفعال .
فـ ... كيف ؟ كيف ؟
وتلك الثلوجُ
تصفعني بالنفايات
وتلعنني بالسكوتْ
تنخّلتُ...
تنخّلتُ حتى سموتُ...
تنخّلتُ حتى غدوتُ
بلا تربةٍ في جنوبِ العراق..
أموتْ
بلا تربةٍ...
بلا تربةٍ في جنوب...
بلا تربةٍ في جنوب العراق...
أموتْ.
*
3 فبراير1990