تصدعات في مرآيا الذاكرة - عمر محمود عناز

ثم أمضي..
في دروبٍ مُبهمة
أجرحُ الصّمتَ
بضوءِ الكلمة
أتهجا لغةَ العمرِ الّذي
أيقظوا في كلِّ مِرآةٍ دَمَه
عُمُرٌ جَاعَ،
ولكن عندما وجدَ اللقمةَ
لم يلق فَمَه
أتندّى فوقَ خدّي زهرةٍ
قطرةً من قزحٍ مُبتَسمة
أحرُفي ريش مجاديف
على شُرفاتِ الغيمِ
ألقى أنجُمَه
فتعرّى الماءُ
ثمّ التمعتْ دمعةٌ
خلفَ المدى مُلتَثِمة
وطنٌ من لهبٍ في مُقلتي يتشظّى،
كيفَ لي أن أرسُمَه؟
وطنٌ
عشرونَ عاماً وأنا أنزفُ العُمرَ
لكي لا أفطِمَه
كم تصارعتُ مع الرّيح بهِ
وتساقطتُ
لأُعلي عَلَمَه
سَقَطَتْ من مُقلتي دَمعته
عندما جرّحَ حُزني نَسَمَه
واقفٌ..
لي ألف ظلٍّ،
مَنْ تُرى
أنا في هذي الظّلال المَلحَمَة ؟
غُربةُ السبعين تعوي في دمي
إنني شيخُ الأماني الهَرِمَة
كلُّ ما حولي أُسمّيه أنا
وأنا لستُ أنا
كي أفهَمَه..
وأنا يا أنتَ
نهْرٌ مُتعَبٌ
أعينُ الموتِ بهِ مُرتَسِمَة
بدمي تعصفُ ريحٌ صرصرٌ
صوتُها بعض صهيلِ الجُمجُمَة
أعشبَ التأريخُ في ذاكرتي
فتسوّرتُ سؤالَ العَتَمَة
هو تأريخٌ مدمى
مزّقتْ ذئبةُ الأوهامِ منّي رُقُمَه
فتداعتْ جثّة الوقتِ
كما تتداعى الفِكرَةُ المُنهَزِمَة،
هاربٌ
من زمنٍ
علّقَ في كلِّ شبّاكٍ يتيمٍ علقمَة
هاربٌ
من زمنٍ لايستحي
شهقةُ الفجرِ بهِ مُتّهَمَة
زمنُ الموتِ
الّذي يركضُ في أعينِ الجوعى
ليروي نَهَمَه
ممسكٌ بي،
عالق فيَّ،
أنا سادنُ الموتِ
بكهفِ الأزَمَة
التواريخٌ هنا في جسدي
جثةٌ
ميتةٌ
مُنحَطِمَة
كل من أمّرتُه في خافقي
كانَ مهووساً بداء العَظَمَة
لاأبو زيدٍ
ولا الزّير
ولا...
إنني أكره هذي الشِرذِمَة
فلتسموني شعوبيا
لقد باضَ في القلبِ غراب المشأمة
منذُ عشرين اشتعالا في دمي
وأنا ألعقُ
طينَ الأوسِمة
إنهُ عصرُ الضّياع المرِّ
إذ تولدُ الحرّةُ من رحْم أمَه
صلبوا النّخلَ على أجسادِنا
فأسالتْ آهةٌ حرّى دَمَه
هاهنا الساعاتُ ينزفن قُرىً
وبقايا مُدُنٍ مُختَصِمَة
مدنٍ
طاحونةٍ من قلقٍ
يلعقُ الإنسانُ فيها عدَمَه
نحنُ في عامِ الخراب الألف
لاتقترحْ لي لغةًً مُحتَشِمَة
خلّني كي أنزف الروح
كما تنزفُ الظلماءُ
لونَ العَتَمة
سأُسمّيني دروباً
غيّبتْ كلَّ من فيها
وداستْ حُلُمَه
وأُسمّيني نهاراً ذابلاً
فوقَ أسوارِ البلادِ المُعتِمَة
ثمَّ أمضي..
في دروبٍ مُبهَمَة...
شعلةُ الموتِ بها مضطَرِمَة
أحرثُ الوقتَ بكفّي شاعرٍ
روحُهُ
في روحهِ مُنقَسِمَة
شاعرٌ
يطلعُ من بيبونةٍ
كلَّ صبحٍ
ليُناغي حُلُمَه
شاعرٌ عرّشَ في أهدابِهِ مشمشٌ
أغصانُهُ مُنسَجِمَه
علّقَ الأبياتَ في لا قلبهِ
ورمى في بئرِ حزنٍ
قَلَمَه