أحزانُ عازفِ القيثار - ليث الصندوق

لم أرَهُ يومَ رحيله
ستبقى ذكراه تقرع ناقوساً فوقَ سريري
فقد ترك في طيّة فراشي جراحَهُ ومات
كلما أوشكتُ أن أنساه
سحبني بحبلٍ إلى ابتسامته
فعيناه مازالتا معلقتين على صدري
كقلادة تقطر دماً
* * *
انها الحرب
حولتْ جدرانَ البيوت
إلى معارضَ لصور الغائبين
من كل شبرٍ
تطلّ عيونٌ معاتبة ٌ
وداعاً لمن رحلوا
ولمن ينتظرون
* * *
صورتك وانت تعزف على القيثار
غائمة ٌ
كأنها في ظلَّ سحابة
قيثارُكَ قفصٌ ملئٌ بالبلابل
حمَلتْهُ بعدَكَ الملائكة ُإلى السماء
بقيَ البيتُ مفتوحاً للعاصفة
والستائرُ تحولتْ إلى أكياسٍ لنوم الأشباح
* * *
عادَ الجميع إلى بيوتهم
العصافيرُ
واللصوصُ
وأرواحُ الموتى
وسادَته وحدها ظلت باردة
أمي انتظرت في الباب
حتى تهرّأ وشاحُها
وكفّاها المجمّدتان
إنفرطتا كحزمتين من العِصي
ألنجومُ المتساقطة ُكالأحجار
حفرتْ في جباه الساهرين أخاديداً
والليل الذي نَسَلَ خيوط خيمته المهترئة
عادَ لينسجَها من جديد
كان موسمُ البرد في ذروته
يجرُّ على ظهورنا قاطرة فولاذية
محملة ًبالصّوف والمطر
* * *
ذرفنا من الدموع
ما اختزنا طيلة ثلاثين عاماً
* * *
وداعاً أيها الوجه المضئ
كمصباح ٍفي أعماق المياه
لقد آثرتَ ان تُدفَنَ في التراب
على أن تعيش معنا
تحت سقف مُحترق