ألطريد - ليث الصندوق

يعدو ورائي الناسُ آلافاً
يتزايدون كأنما عنهم تشققتِ الحفائر والحصى
تعدو ورائي النارُ تاركةً مراجلها
النار : كيسٌ قد تمزَّق عن وحوشٍ
أكلاتٍ بعضها بعضاً
تعدو الدروب : بيوتها وطلولها
تعدو الجبال كأنها محمولة في شاحنات
تعدو الغيوم ببطنها الإعصار
فلأيِّ أخطاءٍ توحَّدَ خلفي الأضداد
وحدي ، وأخطائي كثار
هي ثروتي
وأزيدها خطأً فآخرَ كالدراهم والحُلى
لكنّ أخطائي أنا لمّا تكنْ أفعى ،
وإن كانت فما لدغتْ سواي
* * *
تعدو الملايين التي
قد خلـّفتْ أوطانها وجذورها
تعدو الجيوشُ
تجرّ كالأسرى المدافع
ومخالبُ الأحقادِ تحفرُ في الجبال
أعدو ومن خلفي الجموع
من كلِّ جنسٍ ،
قد نَسَوا ألوانهم
لاهمَّ يجمعهم سوى صلبي على عمد ٍ
لها قد قطّعوا غاباتهم
وأنا أسائلُ عن ذنوبي
وأنا الذي
أحببتُ حتى هرّأت نار الهوى شفتي
وحضنتُ أشجارَ الخريف
لكي أرافقها إلى نار المواقد
لم أسرقِ النجماتِ من صحن الحساء
لم أكنسِ الأحداقَ كي ألقي بها في مزبلة
وسحائبي ما أمطرت سُمّاً
* * *
تعدو كما الطلقات من خلفي النجوم
فتثقـّبُ الأبوابَ والجدران
لكنّ شِعري طائع
لمثاقبِ البرق التي حفرتْ نيوبَ الليل
* * *
يعدو ورائي الليلُ ، والأقدارُ ، والأمواتُ ، والذكرى
والقهرُ ، والأشجارُ ، والفرسانُ ، والجبناء
تعدو العناكبُ ، والمدافع
يعدو ملوكٌ
بعد أن تركوا على المُلك الرعاع
يتساقطون كأنهم رُبطوا معاً في سلسلة
وأظلُّ وحدي راكضاً عمري
رجلاي منشاران يقتطعان أشجارَ الحقول
لاشيء قدّامي سوى قدمي التي تعدو
لا شيء
فالأوراق من يبس ٍ
إذا أهوتْ لها صوتُ المدافع
وأظلّ وحدي راكضاً عمري
إذ كيف يقتنعُ الطريدُ بأنَّ في غابٍ أمان ؟