أين تذهب هذي القصيدة ؟ - مؤيد الشيباني

إلى حاتم الصكر
***
منذ ُ شهرين ِ
قلتُ لهذي القصيدة ِ سوف أجيئك ِ
فانتظريني ..
منذ ُ شهرين ِ ، في كلّ يوم ٍ ، أهييء وقتا حبيبا
وأجلسُ في وسط ِ القلب ِ
حتى يغيبَ المدى
أينَ تذهبُ هذي القصيدة ُ
ألمحها قربَ بيت ٍ قديم ٍ بصنعاءَ تخفي البكاءَ العصيّ
وتمضي إلى صمتها ...
حين تبدو على بعد سطرين مني
أنادي كمن يتحينُ لقيا البعيدينَ
لكنها مثلَ زئبقة ٍ تتقافز بين الضلوع ِ
وتوهمني أنها لم تزل في المكان ِمشيّدة ً مثلما أتمنى ...
كـلما اقتربَ الصوتُ من شفتي
تهربُ الكلمات
حين أتبعها راكضا
تختفي في الظلام..
كلما مرّ بي صوتها في المنام
أحتمي بالنهوض ِ المفاجيء
فأراها معلقة ً تتراقصُ في همهمات الغياب
كلما من بعيد ٍ لمحتُ شواطئها
صفقَ القلبُ وارتعشتْ رغبة ٌ
ومشى بي اقترابٌ خفيفٌ
ولكنهُ محضُ ، محضُ سراب ...
للقصيدة ِ هذي القريبة ِ رهبتها
للقصيدة ِ هذي البعيدة ِ روعتها
كيف أجرؤ أن أتماهى بها ؟
وهي غامضة ٌ مثل حزن ِ المسافر ِ
مثلَ المسافة ِ لا تستريحُ ولا تحفظ الخطوات الغريبة َ
لاشيءَ يعتصرُ القلبَ مثل القصيدة ِ في صمتها
منذ شهرين ِ أرقبها من بعيد ٍ
وأتلو عليها حنيني
فتأتي بطيئا بطيئا وأرسمها في الخيال ِ
أقولُ لمنتـَظـَري هكذا ستكون القصيدة ُ
بل هكذا ..
ثم أفتحُ أذرع َروحي وأغمضُ عينيّ
لكنني لم أجد غيرَ طير ٍ يدورعلى سدّ مأربَ
مرتعشا ظامئا لابقايا فراتين بين جناحيه ِ
لا ظلّ أغنية ٍ
لا سؤالٌ عن الحال ِ يغمره بالطمأنينة ِ
الطيرُ والصمتُ والذكرياتُ
أقولُ لهذي القصيدة ِ كيف سألقاك ِ
كيف سأنساك ِ
كيف سأبدأ ثانية ً
لا أنا قادرٌ أن أجيءَ إليك ِ
ولاأنت تأتينَ
سوف أظلّ بمنتصف القلب ِ منتظرا ..