نطالبُ بحقِ اللجوء لهذا الوطن - مالك الواسطي

-I-
يتركُ النازحون بقلبي نحو دمشق وعمانَ،
عطر الندى،
في شقوقِ الأزقةِ، بين النوافذَ،
أسئلة،
عن جديد المحبةِ، عن لوعة الصبحِ،
عن وطن خائفٍ،
عن إلهٍ تلبس ثوبَ الخليفة عند تخوم الرمادي.
يتركُ النازحون على وجعي،
وطناً،
يضيقُ ببسمتهِ حين تغفو الحمامات فوق الرصيفِ،
ينامُ على قارعات الطريقِ كما الوقتِ،
يفترشُ الأرضَ بعمانَ، يبيعُ السكائرَ،
بين الأزقةِ، يستنطقُ الليلَ،
يغفو على وطنٍ، قبل يومينِ، قد غادر القلبَ
مختفياً في ظلالِ الطوائفْ.
يتركُ النازحون بكل المحطاتِ،
لي،
وطناً،
كان قبل انتهاءِ النهار المبلل بالحزنِ متهماً
باللجوءِ إلى نخلةٍ في السويد.
يترك النازحون بقلبي،
هوى،
للمشردِ في الظلِ،
بيتاً،
لصمتٍ مخلْ.
-II-
يركضُ الموتُ بين الأزقةِ، الريحُ تفتح أبوابها للنهار
المبلل حزناً كعطر الصبايا، وقلبي كهذا الصباح،
يظلُ على عتبةِ البابِ محتبساً، خائفاً،
يرتجي أن يطوفَ على الكرخِ حيناً وحيناً يمدُّ يديهِ
إلى نخلةٍ في الرصافةِ،
كلُّ الرصافةِ، يومَ افترقنا،تنوحُ كما الكرخِ،
كانت بيوت الرصافةِ تصغي لوقع الخطى،
لاحتباس المشاعر في الظلِّ،
وأول الخطو، منفى،
وأول النفي،
أن تختفي في ظلال دمشقَ غريباً
أن تستجيرَ الطريقَ المؤدي إلى اللاطريق
والطريق إلى القلب قيثارةٌ
كنتِ أوتارها،
والطريق إلى القلب منفى
تكسر فيه الدعاء.
-III-
دجلة قد تناءت بأحزانها
والقوافلُ نحو دمشقَ، احتمت بالبكاء
والطريق المبلل بالخوف،
ممن تلبس ثوب الخليفة،
نجمٌ يزاحمُ عطرَ الضياء،
وقلبي المتيم كالظل يخطو
كطيفٍ تناهي بوجه السماءْ.
-IV-
يتركُ النازحونَ على وطني،
خيبةً للنهار المهرولِ نحو الحدود، يفيقون في عجلِ
كالصباح الذي مزَّقته الرصاصاتُ، بين الجفونِ، يلمون
أمتعةِ الأمس، ثكلى يسيرونَ، عطشى تروّوا بدمعٍ هتونْ،
وبين الأزقةِ في عجلٍ يُقْتَلون،
وبيتي المضيفُ طعمَ السفرجل والحندقوق، إلى الظل يخطو،
وخلف الخطى،
منزلٌ، صار منفى،
وتلك التواريخ مركونة في الرفوفْ
احتكمنا لها، مرَّةً،
فاستضاءت بدق المدافع حيناً،
وحيناً بلمع السيوفْ،
والتواريخُ، أصلُ المتاهة،
شرُّ البلية ما قد يطوفْ،
وآخرُ الخطو ، منفى،
وليلٌ يضيقُ بأحبابنا في السجونِ،
وبغدادُ تبقى كحزن الضحى،
يلمُّ الضحيةَ، يغفو على لهفة،
تسكنُ العشقَ، تبكي مساءاً توارى بكحل العيونْ.
وقلبي يميلُ بأهل العراقِ
كحزنٍ يفيضُ به الزيزفونْ.