حين يرتبكُ الفراغ من الزحامْ - كريم معتوق

هو ليس هجراً إنما
لن نلتقي يوماً
ولن نرتادَ أعصابَ الكلامْ
لم تدخلي غضبي
ولم أفتحْ صناديقَ انتقامي
لن أهيّئَ قبرَ قصتنا
لأقرأ فيه فاتحةً
وأقرئهُ السلامْ
***
لم أستشرْ حُزني ليبدأ
أو أُخيَّرهُ إذا ما شاءَ
أن يمتدَّ في صدري
ولن أوحي لعينيَّ البكاءَ
إذا رأتْ مني الحطامْ
ما قلتُ يا وجعي
ولم أتحسسِ الأضلاعَ
هل مازالَ بي قفصٌ
وطيرٌ داخلَ القفصِ استجارَ
بدفترِ النسيانِ
وامتشقَ الفطامْ
لم تأذني ليَ بالعتابِ
ولم أقلْ إني أريدُ
وصدفةً أوصيتُ نسياني
وأوصيتُ الليالي أن تردَّكِ ..
للأمامْ
.
الدارُ تلفظنا وآخرُ حفلةٍ في الدارِ
قلتُ أحبها
ورميتُ أثقالي وقلتُ تحبني
والغيمُ يرصدُ دفتري ماذا سأكتبُ
والسهامُ هي السهامْ
لم أستعرْ ودّاً من الغرباءِ
كانوا خيمةً كبرى
تطرِّزها النميمةُ
فاشتعلتُ مسافةً
حين اشتعلتِ قصيدةً سكرى
لتنجبَنا مواويلُ الغرامْ
أنا لم أعدْ لحناً
ولم تستعمري أرقي
تحاصرنا الظنونُ ولمَ يطرْ
من جِلْدِ خيمتنا الحمامْ
كيف انحدرنا للرحيلِ وغربةً
لم ندر أوَّلها , شربناها ..
وقد غصَّ الحنينُ
وقال آخرها الصهيلُ
على جداولهِ انتقامْ
لم نستفقْ من رحلةِ النسيانِ
لم نجهلْ صناديقَ البريدِ
ودربَ مطعمنا ومقهانا
ولم تتغير الطرقُ القديمةُ
فالجدارُ هو الجدارُ عليه أسماءٌ تواريخٌ
وحلاقٌ بأولهِ و " مصبغةُ الكرامْ "
لم نلحق المعنى بهذا الهجرِ
لم ندركْ كنايتهُ .. استعارتهُ
ولم نحفرْ خطوطَ الطولِ بالتشبيهِ
واللغةِ الحديثةِ والنحاةِ
لنكتبَ الخبرَ الأخيرَ بصفحةِ الموتى
من الأبطالِ في قصص الغرامْ
لم أستعرْ حِكَماً من البلهاءِ
أغنيةَ الريادةِ
لم أخمَّن هَجْرَها
ويلي ..
تعثرتِ الحروفُ ولم أقـْلْ
إنَّ الحروفَ تعثرتْ
قلتُ الظلامْ
قد حالَ ما بين القصيدةِ
والتي تلدُ القصائدَ
يرتوي نهرٌ
ويلهثُ جدولٌ في إثْرِها
غيمٌ ..
ويرتبكُ الفراغُ من الزحامْ
.
هذا أوانُ قصيدةٍ أخرى
لنبدأ من بكاءِ الروحِ مُذ ْ ناحتْ
وقد كان المطارُ قبيلةً للعائدينَ
وموسماً للخوفِ في عينيكِ
أدْركهُ الحصادُ
فقلتُ يا قلبي .. حرامْ
وزجاجُ أروقةِ المطارِ موكَّلٌ فينا
تغيَّر طبعهُ
تحكي فأسمعُها
أحكي وتسمعُني
لا تنحني للخوفِ أعرفها
فشدّتْ ساعداً
ويلاهُ أعرفهُ
لتومئ بالسلامْ
ما كان من عشقي الوداعُ
ولم يكنْ
يوماً هوايةَ خافقي
رغمَ الرعونةِ فيه
يسحبني لمراتٍ
وينقطعُ الزمامْ
لم أخسر الدنيا
فلا تستأثري بالنصرِ
لا هجرانَ قلناها
وقد لا نلتقي يوماً
ولا نرتادُ أفئدةَ الكلامْ