رُسُل - محمد البغدادي

لَوِ اسْتطاعَتْ عُيوني
أنْ تُكلِّمَنِي
لَقُلْنَ:
قَلبُكَ مَجبولٌ على الشَّجَنِ
وَلَوْ مَلَكْنَ شُعُوراً
لاسْتضَفْنَ بِهِ
طَيفَاً
فَدَيتُ لهُ عُمري
ولم يلِنِ!!
طيفاً
تكوَّرَ في قلبي
وفي كبِدي
وَسَارَ مُنتشياً
يَختالُ
في بدَنِي
يحتلُّ أورِدتي
يجتاحُ ذاكرتي
يُغري مُخيِّلتَي
يختارُ لِي
كَفَنِي
أحبُّهُ
دونَ أنْ يدري
أراسلُهُ بِالصَّمتِ
ثُمَّ أباهي:
(سَوفَ يَفهَمُني)!!
وَكيفَ؟؟
والسرُّ في بئرٍ مُغلَّقَةٍ
بألفِ قُفلٍ
وَمِفتاحي
يَدُ الزَّمَنِ؟؟
وَكيفَ أُهدي لَهُ
كَنزَ الهوى
بِيدِي
وصِدقَ عاطفتي
إنْ لَم تَعُدْ سُفُني!!
يَا أيُّها العَينُ
يا ينبوعَ عاطفتي
يا بُلبلاً
نامَ مسروراً
على فَنَني
لكلِّ شيءٍ لِسانٌ
يَستَطِيعُ بِهِ
أنْ يبعَثَ الحسَّ
منْ ثَغْرٍ إلى أُذُنِ
وَهكذا
معشرُ الأبصارِ قاطبةً
يُفضُونَ
دونَ مبالاةٍ
وَ لا جُبُنِ
يا عينُ أفضي إلى عَينَي مُعذِّبَتِي
أنِّي هَجَرتُ
إلى نِيرانِها
عَدَني
أنِّي عَشِقْتُ
ولا أقوى مُصابرَةً
ولا لٍسانِيَ يَقوى
أنْ يُساعِدَنِي
وَالعَينُ
خَاتَمُ رُسْلِي
بَعدَ أنْ خَلِيَتْ
مِن قبلِها رُسُلٌ
تدعو إلى الوَثَنِ!!
*
البصرة - 1994