عنهم - محمد البغدادي

عَنِ امْرَأةٍ.. وَعَنْ حَرْبٍ.. وَعَنِّي
يُتَمْتِمُني كَلامٌ لَمْ يَقُلْنِي!!
عَنِ امْرَأةٍ سِوَى أُمِّي..!! وَحَرْبٍ
سِوَى وَطَني..!! وَقَبْرٍ لَمْ يَكُنِّي..!!
عَنِ امْرَأةٍ تُصَلِّي كُلَّ فَجْرٍ
وَتَذْكُرُنِي بِدَمعٍ مُطْمَئِنِّ..
وَعَنْ حَربٍ تُغافِلُنِي فَتَطفُوْ
عَلَى نَهْرَينِ مِنْ ظَمَأٍ وَحُزْنِ
وَعنِّي.. كُنتُ لي.. وَهَرَبْتُ منِّي
إلى لُغَتي وَبَعضُ الإثْمِ ظَنِّي!!
***
أنا المنفيُّ في امرأةٍ أضَاءَتْ
مَصَابِيحَ التَّرَقُّبِ بِالتَّمَنِّي
تَحُدُّ على الَّذِينَ مَضَوْا وَتَرفُو
ثِيابَ الذِّكرَياتِ بِخَيطِ وَهْنِ
لَهَا مِن حُزنِها طِفْلٌ يَتِيْمٌ
تٌناغِي نَومَهُ بِشَجِيِّ لَحنِ
عَلَى شُبَّاكِها نَبَتَ انْتِظارٌ
كَشَوْكٍ كَالِحِ الألْوَانِ خَشْنِ
هِيَ امْرَأةٌ كَأنَّ عَذَابَ جِيلٍ
يَئِنُّ بِصَدرِها.. وَعَويلَ قَرْنِ
هِيَ امْرأةٌ سِوَى أُمِّي.. وَلكِنْ.
.
سِوَاها في الفَجِيعَةِ لم يلدني!!
***
أنا المنْفِيُّ في وَطَنٍ يُواري
حَرَائِقَهُ بِمَوّالِ المُغَنِّي
يُقَلِّبُ في الفَرَاغِ يَداً دُخَاناً
كَطَيرٍ فَرَّ مِنْ سِجْنٍ لِسِجْنِ
سِلالُ حَصَادِهِ امْتَلأتْ بِقَمْحٍ
رَمَادِيٍّ.. مَرِيرِ الطَّعْمِ.. عَفْنِ
يُعَمِّرُ لِلخَرَابِ جِنَانَ عَدْنٍ
وَيَبني لِلغُزاةِ قُصُورَ أمْنِ!!
هُوَ الوَطَنُ المؤجَّلُ مُنْذُ حَرْبٍ
وَحَرْبٍ.. لَمْ أُرِدْهُ.. وَلَمْ يُرِدْنِي!!
سَأدعُوهُ: (الرَّحيلَ) وَلا أُسَمِّي
وَأدعوهُ (الفِرَاقَ) وَلا أُكَنِّي!!
***
أنا المنْفِيُّ فيَّ شَهِدْتُ مَوتي
مِراراً مرَّةً.. وَشَهِدْتُ دَفْني!
تُسَيِّرُني قَوافِلُ تَائِهَاتٌ
وَأعلَم أنَّ دَربَ التِّيهِ مٌضْنِ
تَمُرُّ خُطَى الكَلامِ فَأَقْتَفِيْها
بِخَطوٍ /تَمْتَمَاتٍ لَيسَ يَعني!
أُثبِّتُ خَيمَتي بِعُرَى رَحِيلٍ
وَأرفَعُ رُكْنَها بِعَمُودِ ظَعْنِ
أُعبِّئُ قِربَتِي بِسَرابِ ماءٍ
يُقَطِّرُ ملْحَ خَيبَتِهِ بِجَفْني
أنا قَلَقُ الصَّحارَى وَهْيَ تَذْرُو
رِمالَ العُمْرِ في الأُفُقِ المُسِنِّ!!
***