فوانيس * - محمد البغدادي

سَبعونَ صَيفاً...
عَقِيماتٌ سَنابِلُها
لم تَجْنِ غيرَ الأسى يوماً
منَاجِلُها
آلامُ أقسَى الجِراحِ
الآنَ تُبصِرُها
لا شَيءَ
فالموتُ
يا ابنَ الموت
حاصلُها
سبعونَ صيفاً
ولم تَبرحْ معاولُها
تَقسُو علَيكَ...
وَلم تبرَحْ تُناضِلُها
حَربٌ عليكَ القَوافِي...
حينَ تُطلِقُها للرِّيحِ
تغدو أبابيلاً بلابلُها!!
الأرضُ أرضُكَ
أيدِي الغَيرِ تَحصدُها
يكفِيكَ من كُلِّ نُعماها
زَلازِلُها!!
***
مدينةٌ أنتَ
أطلالٌ مُهدَّمةٌ
شَوارعٌ
هَربتْ منها مشاعلُها
مُباحَةٌ للرِّياحِ الهُوجِ
مُشرَعَةٌ
لِلخائِفينَ وَلِلمَوتَى
مَنازِلُها!!
أزْهى فوانِيسِها
أزْهى نوافِذها...
قد غُودِرَتْ
في ظَلامٍ
لا يُشاكلُها
وَفِي المدى
امرأةٌ
شَعثاءُ..
مُغضَبَةٌ..
مَبلولَةٌ بِنَدى فَجرٍ
جَدائِلُها...
شفاهُها والأغاني
أيّ أمنيةٍ
لو مَرَّةً
صَدَّقَ الآمالَ آملُها!!
عيونُها الخضرُ
أشباحٌ
تماطلُها عيونُكَ السُّودُ
لكنْ
لا تُماطلُها
جِنِّيةٌ من صَبايا الجِنِّ
تَسكُنُ في جَنَبيكَ
مقتولُها عِشقاً
وَقَاتِلُها
ما لامستكَ
وها أصبحْتَ شَاعِرَها
فكيفَ لَو فَعَلَتْ
سَهواً
أناملُها؟!
قصيدةٌ
طالما روَّتْكَ من دَمِها
وَالآنَ
إذْ ظَمِئَتْ
هَل أنتَ خَاذِلُها؟
***
جِبالُ سَبعينَ صَيفاً
كلُّها قِمَمٌ
بِحُفرَةٍ في أعاليها
تُبادِلُها؟
تلكَ البِحارُ
التي كانتْ سَواحِلُها
كالأمنياتِ
كما كانتْ
مجاهِلُها
غريقَها كنتَ
لا تطفو فتَقهَرُها
ولا تغوصُ
فتفنى إذْ تواصلُها!!
***
* ـ في أربعينية الشاعر العراقي الراحل قيس لفتة مراد.