شاهد العهد المغلوب - محمد مظلوم

سيرة الغَاْئب عن حياته
تـَطْريزٌ على غبارٍ داكنٍ
الحَيَاْة تساوم الزبائن المؤجّلين.
بين سوادين أعزلين
وفي النهار
أمـِتـْها
أمتـْها
أبعدَ من حياتي
بينما أسندُ رأسي إلى ندمي
وهكذا استمررْتُ
أحْلاْمي تتكلـَّمُ
أحْلاْمي كذلك تنزلُ من الباص
ليس الا مغزل التاريخ
1
2
ثمة ما يتبقى من الْمَوْت، ربما شهوة ناقصة تفشل في لمِّ ضجة الذهب المسفوح، ربما الذِكْرَيَاْت تثرثر فوق سيارة الإيفا، حياتي كذلك تثرثر في نداءات غسيل الملابس، وحمام الأسواق، في مكالمات الهواتف العمومية ومقاهي الأقليات الصغيرة.
4
[ المحوُ َبعْد أن أكملَ التحقيقَ في هروبِ ميتٍ كان يقرأ في دفتر كتبوا فيه غيابي ]
أحمل في الأسواق جثة الميراث، وخلفي النادمون يفركون عيونهم، وسبع نساء نادمات يخضبن ألسنتهنَّ من رمادي،
أيتها الحَيَاْة يا أرملتي
الشمس التي فوقي تماماً لا أجدها، الشمس التي اسودت على رأسي، تدعوني إلى البحث عنها، فألاحقها عند أبواب المنازل في منعطفات لا تؤدي إلى طريق، ألاحقها في دليل الهاتف، ألاحقها في متاحف الآثار وشركات المقاولات، ألاحقها في محلات بيع الأحذية أو أنساها في المصاعد
لأقول ما أجهل، علّي أن أدع المحكي يرطن بين رصيفين منشغلين بالسكوت، وأقمار تخرج من المستشفيات فيتجمع على طعنها ثلاثة مصابين بعاهتين مختلفتين، الجُنُوْن أيضاً حين خرج من المكتبة، هرول خلف يده التي سرقتها إحدى موظفات السياحة.
9
10
11
ج / حكمة فهران فاضل/ حلق شاربيه قبل السباحة في نهر الزاب (آغجلر تموز 1989)
سأقول ما أجهل تاركاً للغةِ أن تحررَ متعتها من سياطي، ألون الأفعال بالرغبة كي أحكَّ سواد أغلالها وأهدُّ السياج بين الطبيعة والتاريخ نهر
حياتي أميةٌ، فمن يدلني على خطأ واحد يبرر لي قراءة ما يحدث وكتابة ما لم يحدث؟ من يدلني على سبب واحد يبررُ لي أن أستجوب امِرْآة كَيْفَ لم أصادفها قبل أن أخرج من حياتي ؟
الحَيَاْة أرملة أبوس حرملها وأترك وردة معاقبة على سوادها، أجتاز أحد عشر مستوراً وأعلق احتجاجي على عنق تمثال لا ينحني، لكنه يتذكر.
خارج حياتي، احلم بالبريد الَّذِيْ يروض الْوَحْشَة والمنحدرات التي تقدم الاعتذار للغيوم، خارج حياتي أتكلـَّم عن مزيد من الرَبِيْع الَّذِيْ قوس الفضة، وخلفه سلاسل الرماد تقتاد أحد المحاربين إلى الاعتراف.
لا غرباء في القاعة كي تتعرف حريتي عليَّ، أجلس قرب متعة العدم، فأرى المختلفين كلهم خاسرين كلهم ينتظرون أمطارا ذهبية من جلد المقتول كلهم مرسلون حتما إلى الطواحين يرزمون تحتها الأيَّاْم ليعيشوا رحلة تمت وينسوا أصابعهم إلى السياج الَّذِيْ قسم البيت وكنت هناك
سقوف المنازل كلها، وهواء المدن المنسية خلف نار الماضي، السَّمَاْء المقنعة بالمتعة وكذلك الأيَّاْم التي ترزم الوصية، لا تصرف الضيف الماكث في الكُلَّمَاْت المعادية. أطرديه أيتها القطط التي تسعل حجرا أيها السكون الجائع ليس إلا محارب عتاده الذكرى فحاصره أيها
خزائن الأحْلاْم مهددة بالانتحار، فادفعها أمامك، مثل برميل أبيض أو مثل عربة أسلاك صنعتها في الطفولة، واترك الهواء المغتصب لسكاكين الحرية العمياء، اترك لها مصيرها الفردي واختر نظارة سوداء أو زرقاء، وقفازاً ملوناً وقبعة معقوفة وعصا تنشُّ بها الحاضر وادخل حيا
كم تتغير الأسماء في متاحفك أيها الْكَلاْم؟ ما نفع هذا كله ؟ ونحن رماد الآلة التي تكنس ما نحصي من أحْلاْم ندهناها في أول اليتم؟ ما نفع الندم أمام المرايا التي تعاقب المنتظرين ؟
بسيطة هي الفوضى: راية منفردة قرب نهر الخازر تحتها ينام الثأر رأسه شرق وقدماه غرب بينما ينحني الشريط الجائع بين حيلة المصورين وجمعة الأحْلاْم .
اللحظة صورة احفظها في إطار العدم، والفراغ جدار، بينما أحْلاْمنا شريط اسود يبروز الزاوية.. كل هذا لأبرئ الفرات من الغرقى والخريف من المنتحرين والنِّسَاْء من الغابة، لم كل هذا ؟
ليختلط اللغز، وتنفض الطيور غبار دموعها، ولتنم مقاهي المواعيد القصيرة ولتسافر قوارب المتأخرين عن المعارك والمصحات التي تنتشر في ظلام حياتنا. ليختلط اللغز ولكن مقابل ذلك لي أن أقول ماذا تحت لسانك أيها القصاب؟
26