أعياد متنكـِّرة - محمد مظلوم

أدفعُ أيامي إلى ارتدادها،
وخلـفـْي الأخطاءُ، تؤبـِّنُ الحاضرَ.
عرباتُ تتساقطُ منها ألقابٌ لم أرثـْها،
لتعرِّفني بأبوَّة السَّواد،
أقلُّ من ندمي جسـْرُك، أينَ أقيمُ سعادةَ الغرباء؟
أدفعُ أيامي إلى عبورِها،
إلى دلالة تحرِّفُ البستان،
وتذكرُ كناية الورْد،
عارفاُ بك تجلدينَ غيومي،
فأهرِّب أعيادي بعباءاتٍ سودٍ،
يدفعهنَّ الْهَوَاْءُ الَّذِيْ يحرِّكُ الأبواب.
بعدَ مُنْتَصَفِ الْلَيْلِ،
حياد الكلمات يكنسُ ضجـَّـتي،
فيهربُ الخريفُ من لساني
وأختارُ شمسَك الحبيسة في الدولاب،
أبصمها على قَمِيْصِيْ
وأرتـِّبُ نظارتي.
نظارتك وصيفة لدموعك.
الحياةُ ليستْ هزائمي،
ما من نخلةٍ تتلفـَّتُ لأدَّعي إنها أمـي،
ما من بَرِيْدٍ لكي أؤرِّخَ أيامي،
ما من صمتٍ بعيــــدٍ وأسودَ فأغتالها،
إذن… ألبسُ قفـَّازَ حُروبي وأصافحها.
المُنـْـتـَظِرونَ المُنـْـتـَظـَرون
حيـاتي عناوينـُهُـم
ولا يصـِلون.
أيـَّتها الحرْبُ،
كمْ شمساً سنجتازُ في أنفاقك،
قبـْلَ الوصولِ إلى شمسنا الماضية؟
أيَّـتها الأرْملةُ الَّتِيْ تتزوَّجُ أيتامـَها.
أيَّـتها العانسُ الَّتِيْ تطـْحنُ الفتيانَ بظلامـِها،
مثلَ إبرٍ من العطـْر.
الأصْدقاءُ يرسمونَ غابةَ المدافنِ
ولا موتَ يجدِّدُ وردةَ السواد.
المُـنـْـتظِرون المُنـْـتظـَرون،
بعْدَ مشْهدٍ هندستـْه الحربُ،
أجـْمعُ وجوهَهم المذعورةَ،
كأنـَّـني أروِّضُ عطـْراً يهاجمُ روحي.
مرشَّحونَ للنسيان،
كمن يقرأ حياتـَهُ العزلاء
في دفترٍ تقلـِّبُه أصابعُ النار.
خافً السِّياجِ،
تـُقيمُ أيامـُنا مأتمَ الذكريات.
أيـُّها الحاضرُ، كم سنـُنـْجزُ من فواتِك؟
نراجعُ أيامَنا على طاولة الخريفِ
هلْ سوى النـَّار تهـْزمُ أحْلاْمـَنَاْ؟
هلْ سوى أسنانـِها تصطكُّ على بَرِيْدِنَاْ؟
نـُنيمُ في المقهى،
أحْلاْمَـَناْ العائدةَ من حروبٍ مؤجـَّلة،
ونمدُّ أخطاءنا،
سكـَّة للقطارات المحمـَّلة بأعيادنا.
الظلامُ ماردٌ يفتحُ كيسهُ،
فتدْخلُ الطرقاتُ،
بينما يجلسُ الْمَوْتَىْ،
مـُنتـَظرينَ حَبْـلَ أيامِهم.
أصْـنعُ من رسائلي جسْراً لمدافنِ الصَّمتِ،
وعيني إلى الغابة،
وهي تستعدُّ لحصْدِ بَرِيْدِيْ المُتوقـَّع
بينما،
تفقِدُ الغيمةُ قبـَّعتها في الطريقِ إليَّ.
قَبْـلَ فجرٍ ثالثٍ
أنجزُ آخرَ ذكرى
وأنبِّهُ أيِّامي لاستقبال تابوت الماضي.
الظلامُ يحـْرسُ أخطائي،
في الطريق إلى حلمي الماكر،
حقيبة الهارب لا تتسعُ
لمزيد من الذكرى.
بَعْدُ لمْ أوْلـَدْ
وهذهِ الحياةُ،
رسالةً أكتُبها لامرأةٍ لمْ أجدْها.