مراثي المؤجـَّلين - محمد مظلوم

أيـُّها الأموات لماذا تظهرونَ لي؟
أنتم يا من مدنهم الخرائب
وبيوتهم العظام
… لماذا تطاردوني؟
إرث المعزول
موائدُ…
غيرَ أن الْهَوَاْءَ يحملُ كرهَ حامليه،
أقصدُ،
الملثـَّمينَ بالثأر الفائت، وعلى عيونهم أقفالُ الكتب المهدومة.
موائدُ…
فوقها مخلـَّفات ما يوحي بخطـَّة لإعدام الربيع المقبل،
بينما،
رقعة الشطرنج، والمسدَّسُ الرماديُّ ينتظرانِ المطر.
إرث المجنون
خلفَ منصـَّة بيضاءَ،
الصَّيفُ يعوي،
وخلفه ابتسامة بيضاء،
ترطنُ خلفها عتمة الحكاية…
…………………..
يجلسُ سيِّدُ الوردِ بين طوفانينِ،
شابكاً يديه على ركبتيه،
كمن ينام،
أو، كما كان في بطن أمِّه،
متـَّكئاً إلى سواد الحريـِّة،
حالماً بخرابِ ما يتاحُ من أجراسِ رماده.
…………………………….
هل كنتُ آخرَ الأخطاء، لتكون المرأةُ عقابي؟
إرث المنتحر
مشاغلُ القطار رغبة النهار في التلفـُّتِ قبل المغادرة،
والوصيـَّة الَّتِيْ تنظـِّفُ الرسائل،
حريقٌ معلـَّبٌ في وجدانٍ شاغر،
إستدلـِّوا عليه بأدويته إذن ولا ترثوا عصيانـَه
علـِّقوا سلاسلَ غيمِه في غرفةِ الدَّرسِ،
واجمعوا صحونَ الطعام،
المروحةُ الَّتِيْ فوقـَه توقفتْ قبلَ إسبوعين،
لمْ يعـُدْ ممكناً أن يوزِّعَ بينكم حلوى غيابـه،
كان يناديه، خارج القاعة،
ـ مَنْ…؟
كان يناديه خارج الغياب،
في حراسة النهار،
عندما ميـِّتُ سرقَ البندقية.
إرث الغائب
ـ لِمَنْ…؟
واستدار النهارُ، نافضاً كفـَّيه من دمية العصيان،
في الوقتِ ذاته،
كان الغائبُ،
يفكـِّرُ بيديه، ويتكلـَّمُ بقدمه في الحذاء الضيِّق،
وهم كانوا يعطونَها لشراسة الموسيقى الَّتِيْ تحطـِّمُ صُوْرَةَ الظلام،
وتـُقدِّمُ الأقـْـنعةَ في فوضى الغائبين،
……………
عليَّ أنْ أعيدَ ما نسيتـُهُ لأحظى بأحْلاْميْ،
عليَّ أنْ أنْ أجرِّبَ الصَّحراء، لأعودَ من ممرِّ الخطأ،
عليَّ أنْ أرثَ غيابي
لأرثي المستقبل.
إرث ألـــ [ …..]
إلى حسين مظلوم
ألــــ[ حسين] نامَ، وارثاً حزنَ غده،
نامَ ألــ [حسين] والحاضرُ يعدُّ لقبره منفى.
……………………..
الْهَوَاْءُ خصمٌ راهنٌ
والبقيـَّةُ تأجيلٌ لحياته السُّوْدَاْءِ،
الـــــ [حسين] نامَ
تاركاً عينيهِ تنسجانِ أعيادَ خسرانه.
……………………………
أبوه الخطأ المستترُ في الكنايةِ
وأمـُّه،
غابة النسيان الهارب من التدوين،
منكسرٌ أمامَ أعياده ومحتفلٌ بالندم.
…………………………
الشرفاتُ
تسرقُ مشهَده وهو يخبئ حريـَّته الشاسعة،
نصفـُهُ انتظارٌ ونصفـُه تأجيل.
إقرأوه…،
كما تضيـِّعونَ إبرةً في الدم،
واسمعوه…،
كما يركضُ الأعمى في غابة الأجراس
…………………………
كأنـَّه ـ إذا ما وقف ـ
مئذنة، تغادرُ الأرْضَ الَّتِيْ أنبتـَتـْها،
لتلاحقَ رسائلها إلى السَمَاْءِ…
بقامته،
أتذكـَّرُ ـ أمَّـناـ النَّخلةَ
وبضحكتهِ ضجيجَ الرطب،
فكفـِّنوه،
بعطور المشتليات،
نادوه باسمه
ستجيبكم كربلاء.
…………..
هـُم يا حسين،
متكرِّرون،
كطعنات الماضي على وجوه تتقنـَّعُ بالندم،
ومعادة جنائزنا كأيدٍ تحتضنُ الفوات،
لأنَّ حزننا بَرِيْدٌ من الله،
لن يجدوا في الغيوم ما يشي بنا،
أخافُ يا حسين..
ـ عندما أقرأ ـ أنْ أحرِّفك،
فأستمرُّ في المحـْو.