العيون أقل من الشرفات - محمد مظلوم

تيقظ ((أبجد )) ـــ وهو ابن ما ليس بعد ـــ ولكنه كائن لغوي له ذِكْرَيَاْت ويلبس ربطة عنق ويعشق أيضا ـــ تيقظ،
والعام كان على وشك أن يتيبس إذ لا مواسم،
فارتطمت روحه بغبار العبيد وصادف أن مرايا الوشاية عزلاء،أقفل باب التهجي، وردد وهو يغادر تورية الشخص:
القصد سور الخطيئة
التوبة امِرْآة رجمت تحت شمس مؤجلة،
والنهار يعانق أرملة الذِكْرَيَاْت،
تأكد (أبجد) أن الشوارع لا تطفئ الفتيات،
وأن الْكَلاْم أقل من الشرفات،
ولاحظ ــ وهو يسير إلى جانب امِرْآة في الثلاثين ــ أن زليخة عذراء
أيضا تأكد إن الَّذِيْ مات أمس أخوه،
إذن صحح الْمَرْثِياْت،
ونم تحت قوس الْكِنَاْيَة،
وأنْتَظِر الأبْجَدِيَّة في موتها.
صَحِّحِ الْمَرْثِياْت،
فثمة ما يتحرف من أجل عزل الْكَلاْم عن المتكلم ،
صحح سؤالك
من مات أنت وليس الْكَلاْم،
لماذا تصر على خطأ هائل يتسلل منه عدوي الْقَدِيْم،
عدوي الَّذِيْ يتشبه بي، يتذرع باسمي،
لكي يتزوج حلما تركت على أرضه ذِكْرَيَاْتي وخفي .
وجاري الَّذِيْ لقن الذِكْرَيَاْتِ الشراسة،
من أجل تأجيل شمس الْمَسَاْء التي نبحت خارج السور.
صَحِّحْ لَي المشهد المتكرر
اذكر كنتُ بصحراءِ نومي، أحاولُ إغواءَ سيدةَ النرجسِ الساحلي
وأعني بها شمسَ مكةَ، لما تَكَلَّمَ مِنْ جَاْنِبِ الطور رأسُ النبَّيةِ، أذكر أني تركت التي هي في ساحلي، وسعيت لها ، وأعني النبية، حتى إذا أوشكت محنتي أن تفرج، نوديت من حيث كنت، فألقيت من هي نادت وقد أمسكت نهدها الأيسر اختلط الأجلان علي ولم أجد الافتراض.
أنا الخطأ المتكرر في جثة النوم.
أحتاج أكثر مما لدى الذِكْرَيَاْت لأمدح مَوْتِيْ
ولست الَّذِيْ هو آت
إلى حدث يتخلف عن صنعه الحكماء،
ولي ما أقول على ما به من عبودية للكلام
وبما أنه لا مفر من التسميات،
سأطوي لساني على جُمْلَة أجلت شكلها بانتظاري.
أمر على زَمَنٍ شفهي تغرب في الجسر،
ألقي عليه بقية صيفي،
ولست بناج،
ولكنني أسرد الْمَرْثِياْت التي لم يشأ أمهر المسرحيين تحريفها،
ربما لفتوة هذا النهار الَّذِيْ هز مشهدنا،
أو لعل السَّمَاْء بلا جرس،
وبلا سبب أستلذ بشتم الفراغ،
نهار قوي على الجسر، يبحث عني،
وأنت تربين منذ ثماني سنين على مقعد الدرس مَوْتِيْ
ودار أبي رحلت منذ سبع سنين،
وأنت تقصين في كل عام أمام عبودية الوقت شعرك،
والمقفلون على شكهم فوجئوا بك تستعيدين المناديل فوق السطوح،
وتستقبلين العبيد بدمع أجير،
أقول لهذا الخريف خريف
يَحِنُّ السؤال إلى المسك بِيْ،
والخريفُ الأخير يَحِنُّ إلى دهشة في الخفاء،
أقولُ خريفك أعمى، وأعزل أيضا،
لماذا تحاولُ إعدادَ أقواسك الذهبية،
ثمة ما لست تدري،
يؤول ما لا تحب وبينهما شاهد ميت.
شفتاك على الباب لن تخطفا زهرة الداخلين،
وأوصيك بالسنبلات التي لا تؤدي إلى الفجر،
والببغاء التي لا تموت مع المنشدين،
إذن ما حكيناه منفى،
وإصغاؤنا للمدون سجن،
وتسألني هل تبدل شكل الحوار،
ورائحة الصيف والمطر الآسيوي؟
وتسألني بعد ذلك عن ميت لم يشاهد ذراع الخريف،
تمرر وشما إلى الشرفات …
لماذا الأبوة يا غَيْمةَ النَّاْزِحيْن؟
أمِنْ أجْلِ أنْ نَرِثَ الإنتشار على جثة لم تلدنا؟
ونجلد في أول الصيف أحْلاْمنا،
ثم نعبد أخطاءنا الثانوية؟
كَيْفَ تذكرت شكل الفراغ،
لماذا صعوبة إصغائنا لابتعاد النفوس؟
هل الغد شكل لما نتذكر؟
وهل نتذكر إلا الَّذِيْ لم نصدق؟
إذن، كَيْفَ نهرب من أحْلاْمنا؟
وهذي الفضاءات تنزع بوقا عن العالم المتوقف عن لذة الْمَوْت
من أجل شمس ستولد في وأرض تموت هناك،
وبينهما ما يؤرخ أحْلاْمنا،
أفصعب علي النزول إلى لحظة تسترد من الحاضر الْمَرْثِياْت؟.
وسهل علي التلفت نحو رَبِيْع تغرب عن بيتنا؟
لا أريد الرَبِيْع لذلك لم ألتفت
أو أريد الرَبِيْع ولم ألتفت
يا رَبِيْع أبي، يا رجوع الفريسة،
فجري شيخ ولا أستطيع التلفت،
خلفي، وفي داخلي غامض، من أبين؟!
ورائي غيابي فقط أستطيع التخفي،
وذي اخر الشرفات تحدق بي، وتجيد اصطياد المرايا،
وثمة ورد أجير يعري السياج من الذِكْرَيَاْت،
أجل إنه آخر العابرين على الجسر،
آخر من يتلقى التحية في شارع شاغر
يتسلى بعد الظلال التي مكثت خارج الكُلَّمَاْت،
وراء غيابي فقط، أستطيع التحدث عن مشهد دائري،
لذا أحتمي بالْكِنَاْيَة قبل الدخول إلى منزل الحكماء،
ولكن لماذا أسميك،أب جد منفصلا عن بنيك ومتصلا بالْكَلاْم وَمُلْتَبِساً بالْكِنَاْيَة؟
كَيْفَ أناديك في زَمَنٍ ضيق،
ثم أقصدك عن جُمْلَة تتحدث خارج قصدي.
أليس انكسار الطواحين أكبر من ذِكْرَيَاْتي؟
أليس الَّذِيْ يتمرأى من الباص،
يدرك أن الأماكن عمياء تبحث عن مستقر لتاريخها؟ فلم الكائنات التي اتضحت تتشبه بي قبل أن أكمل الانزواء؟
أنا لست أعمى،ولكنني أتأكد من خطئي،
وأصر على أن من يتمرأى من الباص أعمى،
وإن الأماكن لا تتعرف إلا على حيز يطرد الكُلَّمَاْت،
فكَيْفَ أسميك دوما بما لا يصح علي،
وأنت سواي،
ولي غربة الكُلَّمَاْت التي جلست خارج القصد .
مطرودة عن يدي.