أحد عشر برزخا قبلي - محمد مظلوم

برزخ الْكَلاْم
فضاؤك يحكي، يحكي فضاؤك، أنت وفضائي تحكيان.
قبر بلا فراشة كرسي يرتل ظلاما بريئا
هكذا كان ما يشدني إلى مقعد فوق المياه.
أقبل حنك غيمة، فتمطر دهشتي،
رغبة في القول، أفرق جموع التنكر،
وأنا أدخن إصبعي في غياب الْمّكَاْن،
في المستوى الثاني من اللغة |الأبعد في الإيحاء| الأقرب للتلقين،
أجلست شيخ التورية، ليفصح عما يحدث.
ما الَّذِيْ يحدث ؟
شخص الْكَلاْم الَّذِيْ هو حوار عيني مع الوشم على سيقان النِّسَاْء اللواتي يتشبهنَ بالمسبيات، ويحملنَ شموع َالعرس لعريس غَاْئب ولهن أعين خضر، شخص الْكَلاْم هذا ، لا يصحُّ إلا علي، وأدري أن الأبناء سيفترضونه عائلة، ثم يفرقونه في جمل اعتراضية، وفواصل، وأسما
وعلى ما به من علات هذا الشخص سيدعي الأبناء أنه حائط أخضر، يليق بأن يصفـّوا عليه أسماءهم، وأنا بعد ذلك، مجبر أن آمر السياف أن يقص من تاريخ اليد تحت شمس سوداء، وأبشر بتاريخ اللسان.
برزخ الْمَوْت
مع أن الأصفر يغطي أدلتي وهناك من يحرق بستان المطر،
ومع أن الصيف أجمل، فالخيول لا تطارد الخريف،
البرية اشتعال الصخرة الشاذة، وثمة ورد سائد،
الخيول لا تنتظر الماضي،
ثعالب القصد تسترخي في الممر،
ماذا أسمي ما يحدث؟
الشخص الواقف قرب نافورة الذكرى،
بماذا يحلم والمنديل في كفه؟
في الوطن السادس بعد الآن وقبل المأدبة الأخيرة (أعني ثور الصيف) يؤتى بما ليس بعد على هيئة كبش أملح / قال الشيخ / ويذبح على تل أبيض.
فأصرخ:نجوت منك يا مَوْتِيْ
ويصيح :أكملت فيك اللغات.
برزخ الذكرى
العذراء ابتراد الصيف،
أوقدْ يا رَبِيْع جُمْلَة الانثى،
وألقِ على الأرض سلة بَيْضِاْءَ،
لعل صحراء أجوبتي ترافق الذِكْرَيَاْت إلى الأسئلة،
لعل القطار المتعب يشك بالمنتظرين.
لعل ديك المحطة ينسى أسيجة المدن القادمة،
فإنني رأيت القوس ينعس في كف رغبة صفراء،
أصطاد الجسر المؤدي إلى ثمر أبيض،
الأعداء ملونون،
أشيخ تحت غيمة عانس، وأقطع الطريق المؤدي إلى أبنائنا البيض،
والأعداء ملونون.
برزخ التأجيل
الفك التي تحدثنا عنها في الطريق إلى هنا، منغلقة على راهبة أو حذاء، غاية ما في الأمر أنها تفتح ذات يوم ليخرج من أو ما فيها، وحتما يتكئ على جدار دمي، وليس هذا مما يتوقع، بل أنه مما حدث بعد الآن، وهذا يكفي لأن أصدق أن قتلي، كان لأجل القشور خارج الصحن، أقول:ن
برزخ العمى
أمير الأخْطَاْء ـ على غير عادته ـ بنظارة يخرج من باب خشبي تاركاً ناراً بَيْضِاْءَ تبكي على السرير، والقفل يَنْزُفُ ـ كان لا بد من ذكر ذلك ـ
إذن، ما ينبغي هو الشك،
الستارة أو الضباب، هو ما منعني عن الإصغاء، لمحياك،
لذلك، لم أفاجأ،
حين شاهدت ديك الجن في الْمّقْهَىْ
ينظف بعيدان الثقاب أسنانه.
برزخ الوشاية
الْكُنْيَة براءة الاسم،
لذلك، كنيت عن الوقائع،
وقصدت كل ما لم يحدث ولا استثني ما حدث،
يتخللني الضوء، كُلَّمَاْ مس جَسَدِيْ غبارُ الماضي
أمام مِرْآة بَيْضِاْءَ في سنة كبيسة، لاحظت ـ بقوة الإصغاء ـ
أن التأويل أكبر من دلالة الدار،
فكان عليَّ أن أغيِّرَ تاريخَ الصهيل
وأن أسكن خارج النتائج،
وأغلق الباب المفضي إلى الْبَحْر الَّذِيْ يصفرُّ،
الْبَحْر الَّذِيْ يبحث عن أمه،
أغلقت الباب عليه الْبَحْر الَّذِيْ يستلهم الصحراء،
وتركت له خواتم المسبيات العشر،
وعدت أصغي إلى مِرْآة بَيْضِاْءَ في سنة بسيطة.
برزخ التأويل
مساء المطر،
أيتها النار التي ترتدي قبعة
الآن مطر،
وأم تقتاد ولدها، في احتفال الرجولة،
إلى ساحة الإصغاء،
الآن مطر،
ولكي يتأكد الولد من براءة الأشياء،
صارت الدهشة ثوراً،
الآن مطر،
وأحب الثور.
برزخ الوقت
لست بريئا إلى هذا الحد،
أخطأت يا قلادة المعنى،
فشفاهية العصر، لا تؤرخ الشخص الَّذِيْ يمر يوميا
بحائط ماضيه،
طغيان الطقس، وحده، يستطيع ذلك،
وفي المِرْآة البَيْضِاْءِ فقط،
تستطيع الكُلَّمَاْت، أن تكون عبيدا لمدح العدم،
مع هذا، فالحوار بغضٌ مؤدب،
وعليه، أستطيع القول ـ خارج التدوين ـ:
أن الشخص الَّذِيْ يمريوميَّاً بحائط ماضيه،
ليس بريئا إلى هذا الحد،
ربما ـ لهذا ـ نحتاج، حين نجتاز جسرا، إلى التلفت،
بحثا عن الحلاج أو بائع السجائر،
ليس لأن الحلاج مطلوب لدى السياف،
ولا لأن بائع السجائر أعمى،
بل لأننا ـ على الجسر ـ نطأ الفضاء.
برزخ الجسد
الأمكنة التي تنتقل معنا، هي تاريخنا، الَّذِيْ حين ننام، يصير لنا وسادة، وإلا ماذا يعني سطح عليه مسبيتان تقرأان الفضاء الَّذِيْ يحكي، وتشيران إلى شخص الفضة، وهو يدفع بابا خشبيا، ثم يخرج حاضنا صورة ماضيه الَّذِيْ يحتاج إلى خيانته؟
الأمكنة اسلوبنا في هجاء النشيد الَّذِيْ يعجز عن رثاء اللغة، وإلا ما الَّذِيْ يجعل لساني يحرف غيمة لم تمطر، لكنها تحاول؟
أقول هذا بجميع كرهي لمن يدونون النِّسَاْء،
للذين لا يختزلون اللغة بالْمَوْت،
للبرزخيين حتى بتحريف أسمائهم أمام معلم أخرس،
وفيه رائحة الماضي،
للذين وجدتهم قربي يمتحنون الجمل المفيدة أمام حفيدتي التي شاخت أمام الصيدلاني، وهي تسأل عن هواء يكفيها لانتظاري.
برزخ هو
أفترض ـ حين اقترح هذا الأسلوب ـــ أنني أرسخ عزلتي خارج مبررات تدويني، لكنني فوجئت به ـــ أحد البرازخ ـــ يستغل عماي المقصود هذا، ليشير إلى أنني راسخ في التأويل، وعلى أية حال، لست مقيما ليكون هناك،
هذا ما أكرره، وبالتالي، تصبح الإشارة لي تأويلا،
المجد لي إذن وللتأويل …
ثم أن الصورة التي التقطتها العام الماضي، تبين إني أكثر وسامة مما كنت عليه، قبل سنوات تحت شجرة السيسبان بانتظاري، لاشك أنني كنت فاشلا في استدراج منديل الْمَسَاْء، فافترضت الأشرعة لكي تسهل الإقامة تحت لافتة تهجوني.
برزخ الحوار
في الخميس القادم،
في حفلة أقامها المدعو إلى موته،
استطاع الْكَلاْم، أن يقشر التفاحة وهي في الصحن،
الضيف تعرف على الكرسي،
لأن المرايا أقل من الجدران،
وهنا أستأذن المدعو كرسيه لأعداد الوجوه،
أحدهم، تلكأ في استذكار اسمه، فأشار إلى التفاحة،
الآخر استلذ بمقعد سهل ويثرثر،
وأنا، طمعا في النطق، انحنيت لكي أحرر كلامي من يد أعدائي،
وإذا بي أبرر قتلي،
على أن الْكَلاْم، في هذه الحالة، موت ترابي وناري أيضا، أي أن [هي] وجدت نفسها فجأة في حفلة الخميس القادم.