أنغام الخطوب ... - محمد مهدي الجواهري

ما أحوجَ الشاعرَ الشاكي لمُغضِبَةٍ
وميزةُ الشاعرِ الحساسِ في الغضبِ

أمّا القوافي فأنغامٌ تُوَقِّعُها
يدُ الخُطُوبِ إذا ما هيَّجَتْ عصبي

أصِخْ لتلحينِ روحي وهي ناقمةٌ
فما يهزُّك لحنُ الروحِ إن تَطِب

شجتْك كربةُ أبياتٍ وجدتَ بها
على كآبتها تفريجةَ الكُرَب

ثقافةُ الشعبِ قل لي أين تَنشُدها
أفي الصحافةِ مزجاةً أم الكُتُب

هذي كما اندفعتْ عشواءُ خابطةٌ
وتلك فيما حوت " حمالةُ الحطب "

أما الشعورُ فإنّي ما ظَفِرْتُ به
في مجلسِ العلمِ أو في مَحْفِلِ الأدب

لا ثورةُ النفسِ في الأشعارِ ألْمَسُها
إلا القليلَ ولا التأثيرُ في الخطب

باكون ما حُرِّكَتْ في النفس عاطفةٌ
وضاحكون ولاشيءٌ من الطرب

مُسَخّرون بما توحي الوحاةُ لهم
كما تُهَزُّ دواليبٌ من الخشب

لو عالج المصلحون " الجوعَ " ما فَسَدَتْ
أوضاعُنا ، هذه الفوضى من السغب

شعبي وما أتوقّى من مصارَحَةٍ
عارٌ على يعربٍ كُلُّ على العرب

ألهاه ماضيه عن تشييدِ حاضره
وعن لبابِ المساعي قِشْرَةُ النَّسَب

عشنا على شرفِ الأجداد نَلصقُهُ
بنا ، كما عاش قُطَاعٌ على السَّلَب

قامت تُرَوّجُ آداباً عَفَتْ عُصَبٌ
ما أبعدَ الأدبَ العالي عن العُصب

هُزَّ القلوبَ بإحساسٍ تَفيضُ به
ثم ادعُ حتى صخوراً صمةً تُجب

شانت أديباً وحطَّتْ عالماً فَهماً
مشاحناتٌ على الألقابِ والرُّتَب

قالوا " أِدْ " لركيكٍ غيرِ مُنْسَجِمٍ
لو في يدي قلتُ عدّ القولَ وانسحب

حتى صديقٌ عن التقليدِ أرفَعُهُ
مصاخبٌ إذ سوادُ الناسِ في صَخَب

دومي قوافيّ طولَ الدّهْرِ خالدةً
إن صحَّ أنّكِ أوتادٌ من الذهب

أوْلا فبيني أدالَ اللهُ من أثرٍ
تنالُ منه يدُ الأعصارِ والحِقَب