في الثورة السورية - محمد مهدي الجواهري

مِثلث الذي بكِ يا دمشق
من الأسى والحزنِ مابي

دمعي يَبين لك الجوى
والدمعُ عنوانُ الكتاب

زاهي الحمى نهبُ الخطوب
ومهجتي نهبُ المصاب

أرأيت مرتبعَ الشِّعاب
بها ومُصطافَ الهضاب

والنبتُ مخضلُّ الثَّرى
والرُّوضُ مخضرُّ الجْنَاب

والحسنُ تبسُطه الطبيعةُ
في السهولِ وفي الروابي

والشمسُ تبدو من خلال
الغيم خَوْداً في نقاب

فاذا انجلى هزَّتك روعةُ
نورها فوق القباب

والروضُ نشوانٌ سقاه الماءُ
كأساً من شراب

بَرَدَى كأنَّ برودَه
رشفاتث معسولِ الرُّضاب

تلك النَّضارةُ كُلُّها
كُسِيتْ جلابيبَ الخراب

ثوري دمشقُ فانَّما
نَيلُ الأماني في الطِّلاب

وخذي الوِفاق فانما
عُقبى الخلاف إلى تَباب

إن ْ تغضَبي لتليدِ مجدٍ
آذنوه باستلاب

ومنيعِ غابٍ طوقوهُ
بالبنادق والحِراب

ومعطاسٍ شُمٍّ أرادوا
عَرْكها بالإغتصاب

فلأنتِ رغم خلوِّ كفّك
من مُعَدّات الضراب

بالعاطفات الحانيات عليك
وافرةُ النصاب

ولأنتِ امنعُ بالنُّفوس
المستميتة مِن عُقاب

فتماسكي أو تُكرَهي
بالرغم منك على انسحاب

فَلَشرُّ ما عمِلَ امرؤ
عملٌ يُهَدَّدُ باقتضاب

سدّي عليهم ألف بابٍ
إن أطاقوا فتحَ باب

إن لم يكن حجرٌ يضرّ بهم
فكُومٌ من تراب

لا نُكرَ في الدنيا ولا
معروفَ إلا في الغلاب

شُبَّان سوريَّا الذين
تناوشوا قِمِمَ السَّحاب

والمبدلين برأيهم
في الليل عن قبس الشهاب

المالكي الأدب الصميم
ووارثي الشرفِ اللُباب

لكمُ العتابُ وإنَّما
عَتْب الشباب على الشّباب

سورّي’ٌ أم الضراغم أصبحت
مرعى الذِّئاب

مثلَ الوديع من الطيور
تعاورتهُ يدُ الكلاب

باتت بليلةِ ذي جروحٍ
مستفيضاتٍ رغاب

وسهِرتُم متضاربي النزعات
مختلفي الثياب

مَن كانَ حابى أن يقول
الحقَّ إني لا أُحابي

لا بُدَّ أن يأتي الزمانُ
على بلادي بانقلاب

ويرى الذين توطَّنوا
أنَّ الغنيمةَ في الاياب

ماذا يقول المالئو الأكراش
من هذي النهاب

إنْ دال تصريفُ الزمان
وآنَ تصفيةث الحساب

جاءوا لنا صُفْرَ العِياب
وقد مضَوا بُجْرَ العياب