شَبِيليّ... - معد الجبوري

ثانيَةً فَرَسُ النَّهْرِ يَهيجُ،‏
وَيفْتَضُّ الغِرْيَنُ حَقْلَ الموز،‏
لماذا يخرجُ من جُثَّتِهِ النَّهْرُ الغُولْ..؟! ...‏
ثانية، تَشْتَبِكُ الأجْسَادُ السُّودُ،‏
يداً بِيَدٍ،‏
وعصاً بِعَصا،‏
وطبولاً بِطُبولْ...‏
***‏
ذَاكِرَةُ النَّهْرِ اكتَظَّتْ،‏
بمراسيمِ النَّحْرِ،‏
" آستُنْكَا... استُنْكَا"‏
تِلْكَ يَدِي وعَصَايَ وطبلِي..‏
كيفَ يفيضُ النهرُ إذَنْ،‏
كيف يفيضُ شَبِيلّي؟!‏
***‏
إيقَاعُ الرَّقْصِ على الضِّفتينِ،‏
فمٌ يَنْفُخُ في النارِ،‏
ذراعٌ تَلْوِي عُنُقاً‏
شَجَرٌ في الغابةِ ينهارْ...‏
صَيحْاتٌ مُشْتَبِكَه:‏
"إن لَمْ يَخْتَلِطِ الدَّمُ بالماءِ،‏
فلا مَهْرَبَ مِنْ زمنٍ،‏
فيهِ تَشِحُّ النُّعمَى'،‏
وَتَضيعُ البَرَكَه..."‏
مَنْ أيقظَ وحشَ القاعِ،‏
شبيلّي...‏
مازال فحيحُ اللعنةِ،‏
يسكنُ أرواحَ بَنِيكَ،‏
أَتُنذِرُ أبناءَكَ،‏
بالطُّوفَانْ؟!‏
***‏
قربانْ آخر،‏
يدخلُ طَقْسَ النَّهرْ،‏
أَتُصْغي لِخرَيرِ دَمي، ياشَجَرَ البُوَّابْ؟!‏
أرواحُ الأَسْلافِ ترفرفُ حول الشطآن،‏
نساءُ القريةِ يندبْنَ،‏
الأطفالُ وجوهٌ ملتصقاتٌ،‏
في أثداءٍ يابِسَةٍ،‏
والأرضُ خَرَابْ...‏
فتيَاتُ القريةِ عَلَّقْنَ تَمَائِمُهُنَّ،‏
نَذَرْنَ الأجسَادِ الغَضَّةَ،‏
أرضاً للأخْصَابْ...‏
هذا يومُ النذر،‏
أَتُصغي لحريقِ دمي، ياشجرَ البُوَّابْ؟!...‏
***‏
قربانٌ آخر،‏
يدخلُ هذا العام فضاء الرقصِ الدَمَويّ،‏
" آستُنْكَا... استُنْكَا"‏
تلكَ عصاً تَلْقَفُ ثعبانَ الموجِ،‏
تلمُّ الخَرَزَ المُتسَاقِطَ،‏
مِنْ أعْناقِ عَذارى الصُّومال،‏
"أيولَدُ نوحٌ آخر!!".‏
ماذا تحمِلُ إذ يطغَى الماءْ‏
يانوحُ الأفريقيّ،‏
أتحمِلُ مِنْ كُلِّ جبينٍ يعرقُ،‏
نُطْفَةَ خصبٍ،‏
وتلمُّ الجَسَدَ الأشلاَءْ؟!‏
أتعُيدُ إلى الحِسْنَاءِ السَوداء‏
أَسَاورَها،‏
وقَلائدَها،‏
والعطرَ الأَسْودَ،‏
والحنَّاءْ؟!‏
***‏
عَلِّقْنِي تعويذّةَ سِحْرٍ في الغاباتِ،‏
شبيلّي‏
أطَلِقْني صيحةَ طفلٍ،‏
تصعَدُ من كوخٍ مجهول‏
يانهراً من أحلامٍ غامِضَةٍ وقرابين،‏
شبيلّي‏
غاباتُ النخلِ، الليلَةَ،‏
تَسْكُنُ غاباتِ الموز،‏
***‏
هذي أرضي ، ومَنَازِلُ أَهْلِيْ‏
كيفَ يفيضُ النهرُ إذن،‏
كيفَ يفيضُ شبيلّي...‏