آدم وفردوسه - نازك الملائكة

حسبها أّننا دفعنا إليها
ثمن العيش حيرة ودموعا

أي ذنب جناه آدم حتى
نتلقى العقاب نحن جميعا؟

وليكن آدم جنى حسبه فق
دان فردوسه الجميل عقابا

أو لم يكف أّنه هبط الأر
ض ليسقى آلامها أكوابا؟

أو لم يكف أنه هبط الدن
يا طريدا من خلده الفينان

أو لم يكف أنه عرف الشرّ
وقد كان طاهرا في الجنان ؟

ليت شعري ماذا يروق لعيني
يه هنا في انغلاق هذا الوجود؟

كيف ينسى آفاق جّنته ما
ذا يغذي حنينه للخلود ؟

كيف ينسى الأمس الطليق ليهنا
بحياة القيود والأرسان ؟

أين ذاك الحسّ الرهيف ؟ هنا سج
ن بليد مغّلف الجدران

ولماذا ينسى وهل في الثرى شيء
يعزّي عن حلمه المعسول؟

كلما لاذ بالخيال تجلى
لأساه ما كان من قابيل

أو لم تسمع الحقول صدى صر
خة هابيل حين خرّ قتيل؟ا

أو لم يشهد القطيع على الجا
ني ألم يبصر الدم المطلول؟ا

أين هابيل ؟ أين وقع خطى أغ
نامه في الحقول والوديان؟

ليس منه إلا ضريح كئيب
شاده في العراء أوّل جان

وأتت ظلمة المساء على الحق
ل وعاد القطيع من دون راع

ليس إلا قابيل يمشي رهيب ال
خطو نهب الأفكار والأوجاع

يا لأحزان آدم عندما أب
صر بابنيه قاتلا وقتيلا

أيها المستطار لن تردع الأق
دار حتى إذا بكيت طويلا

ما الذي تنفع المدامع يا آ
دم؟ هل تدفع القضاء المريرا؟

إن يكن من فقدت أول مقتو
ل على الأرض فهو ليس الأخيرا

انها لعنة تظلّ على العا
لم مسدولة الدجى مكفهرّه

كلما ذاق قطرة من نعيم
أعقبتها من الأسى ألف قطره

كلّما اسدل الستار على حر
ب أطلت حرب وجاءت رزايا

رحمة يا حياة حسبك ما سا
ل على الأرض من دماء الضحايا