البعث - نازك الملائكة

أنّا غنيت للظلال وأعطي
ت هواي المفتون للأشباح

وعبرت الحياة وسنى وشيّد
ت قلاعا جدرانها من رياح

وعصرت الأوهام في قبضتي حي
نا وأهديت للطيوف صداحي

وأخيرا أتيت أنت واسلم
ت كؤوسي إلى شفاه الصباح

نغمي كان جدولا سكّريّ ال
ماء ينساب ليس يسقي العطاشا

ضنّ أن تسبح العصافير فيه
وأهان الضحى وصدّ الفراشا

وورودي لمّت رحيقا عبيريّ
ا وآلت لا تمنح الأحراشا

خزنت في عروقها قطرات ال
عطر بخلا بشهدها وانكماشا

***

الفقاعات فيه ضاقت بما يث
قلها من حرارة وحياة

بحثت في تحرّق وارتعاش
عن شفاه أو أعين عطشات

لتصّب الصباح فيها وتسي
ها كؤوسا مشغوفة الحافات

***

وورودي التي تغصّ بما قي
ها من العطر والرحيق الثمين

أنت علّمت عطرها سكرة التج
وال علّمتها اشتعال الحنين

أنت نبّهت غفوة الفلّ في حق
لي وبخل البنفسج المفتون

***

أنّا أغلقت باب قلبي على كلّ
جمال وكلّ خلجة شوق

وجعلت الهوى المزنبق سرا
ضائع الحدّ في امتداد وعمق

خفت أن يخدش النهار حواشي
ه فأبقيته رهينة رقّ

***

ذلك الحبّ لم أحدّث به قطّ
غديرا أو ربوة أو حقلا

لم أصفه لتلّة تطعم اللي
لك من قلبها وتسقي الظلاّ

غرت أن تعرف العصافير اٍر
ري فأسلمتها السكون الملاّ

***

يا هوى ظلّ شاحب الخدّ خجلا
ن من الشمس خائف الألحان

يتوارى عن النجوم ويخفي
وجهه عن زنابق الغدران

ألحدت ذكرياته بخرير ال
جدول العذب وانفعال الأغاني

وبنى الصمت معبدا كفر المر
مر فيه ولاذ بالكتمان

أنّا لولاك كنت ما زلت سرّا
خافت اللحن باهت التلوين

أنت حرّرت ذلك الوله الخص
ب وأخجلت فيه ذلّ السكون

جئت كالضوء فانحنى لك قيدي
وتلاشى توحّشي وجنوني

وأفاق الشعور ينفض علر ال
صمت عن سرّ قلبي المكنون

***

أنت صيّرتني هتافة حبّ
ثرّة الوقع بعد طول نضوب

أنّا غنيت باسمك العذب في كلّ
انحناء ومفرق موهوب

لا تلمني إذا ملأت بك الدن
يا فصاحت معي : حبيبي , حبيبي !

جئت كالضوء فانحنى لك قيدي
وتلاشى توحّشي وجنوني

وأفاق الشعور ينفض علر ال
صمت عن سرّ قلبي المكنون

***

أنت علّمت قلبي المطبق الكفّ
سخاء الندى وبذل اللهيب

أنت صيّرتني هتافة حبّ
ثرّة الوقع بعد طول نضوب

أنّا غنيت باسمك العذب في كلّ
انحناء ومفرق موهوب

لا تلمني إذا ملأت بك الدن
يا فصاحت معي : حبيبي , حبيبي !