أعاصير ومنافي - وحيد خيون

عدَتْكَ الليالي أنْ صبَرْتَ لياليا
وجنّبْتَ نهرانَ الدموع ِ النواعيا

تظلّ ُ عزيزا ً رغمَ أنكَ مُعْوِزٌ
وتبقى قريبا ً رغمَ كونِكَ نائيا

ولنْ تُرغِمَ الأحداثُ مثلَكَ عاقِلا ً
على قول ِ ما لا يرتقي بكَ راقِيا

تعوّدْتَ بالصّمتِ الكبيرِ مُدَوِّيا ً
وقرّعْتَ بالصمتِ الكبيرِ المُرائِيا

بكَ الوجعُ المقصورُ لونُكَ شاحِبٌ
وأنوارُ كَ البيضاءُ تركبُ داجِيا

لماذا تُقاسي ؟ والمُحِبُّونَ عرّجوا
وتسمعُ منهم رقصة ً و أغانيا

لماذا تُقاسي؟ والذين لأجلِهِم
تقاسي .. قَسَوْا فاهجُرْ وكن أنتَ قاسيا

و دَعْهم لأيام ٍ فَتَكْنَ بغيْرِهِمْ
فهل تتمنى أنْ ينالوا المراميا ؟

وهل تتمنى انْ يعودَ لكَ الذي
بهِ كنتَ في أغنى المواقفِ .. عاريا؟

وهل تتمنى انْ تعودَ لمنزِل ٍ
إذا أمْطَرَتْ ولّى مع الماء ِ جارِيا؟

بنوكَ وأمّ ٌ في العراق ِ و إخوةٌ
وأنتَ تُقَفّي بالمنافي المنافيا

وصوتُكَ يجري والرياحُ بعيدة ٌ
فكنْ عندَ قصفِ الريح ِ صوتا ًمُناوِيا

مللتُكَ ... لا ترمي السّهامَ ولم تعُدْ
تُجَنِّبُ مَنْ يرمي الرّماة ُ العَوالِيا

مللتُكَ ... لا يُؤذيكَ أنكَ مُهمَلٌ
وغيرُ كَ يصطادُ الغِنى والمغانيا

مللتُكَ ... قد ثارَ الترابُ ومَنْ بهِ
وأنت تُلاقي الطبلَ أخرَسَ غافِيا

مللتُكَ ... لا أنتَ الذي قد عَرَفْتُهُ
ولا أنا أنتَ الراكِبُ البحرَ عالِيا

مللتُكَ ... مهزوما ً يُضَيِّعُ وقتَهُ
ولم يقتنِصْ ممّا تولّى ثوانِيا

لقد أدبَرَ الوقتُ الكبيرُ وغايتي
ركِبْتُ لها ظهري أنا والقوافِيا

وهبتُ لها عمرا ً طويلا ً وها أنا
بها عاجِزٌ عنها ولم أدرِ ما هيا

مللتُكَ سكرانا ً .. مللتُكَ صاحِيا
مللتُكَ يقظانا ً .. مللتُكَ غافِيا

مللتُكَ متبوعا ً .. مللتُكَ شاعرا ً
مللتُكَ ساويتَ الذي لن يُساويا

مللتُكَ والدنيا تريدُ كَ ضاحِكا ً
و نحنُ وهبناكَ المحبّة َ باكِيا

مللتُكَ أمّا مُوجَعا ً أو مُواسِيا
وأمّا تُداوى أو تكونُ المُداويا

فمٌ غاضِبٌ منهم وقلبٌ مُتَيّمٌ
جُهِلتَ حبيبا ً واشتهرتَ مُعادِيا

يُعاديكَ أصحابٌ لأنكَ صاحِبٌ
ويغضبُ جُهّالٌ لكونِكَ دارِيا

ويبغضُكَ القومُ الذينَ تُحِبُّهمْ
لأنكَ منهم .. لو تنكّرْتُ حالِيا

وذنبُكَ تعلو والرّقابُ قصيرة ٌ
كسَرْتَ رقابَ الناس ِ كونَكَ عاليا

وهم عاجزونَ الآنَ أين َ تركتَهم
تركتَ لهم ظهرا ً يُدافِعُ عارِيا

تجودُ بنفس ٍ أو تجودُ بدرهم ٍ
يروْنكَ شحّاذ َ المَحبّةِ واطِيا

أكنتَ عراقِيّا ً ؟ تكونُ الأضاحِيا
وكنتَ جنوبيّا ً تكونُ الأغانِيا

أ نالكَ شئ ٌ من هواكَ ؟ أ نِلْتَهُ؟
فمالكَ ضيّعتَ السنينَ الغوالِيا