أغاني العشرين - وحيد خيون

بعدَ عشرينَ سنه
بعدما أسكتتْ الأيامُ آلافَ الجراح ِ المزمنه
بعدما غِبنا طويلا ً
وتحدّينا المقاديرَ .. و قرّرْ نا فراقَ المِدْخـَنه
أصبحَ الهجرُ لنا حلا ّ ً
وقد يهجرُ طيرٌ وطنـَه
وتحرّكتُ لتبديل ِ زماني
عذ ّبَ اللهُ الذي بدّلَ يوما ً زمنـَه
لم تكوني لحظـة َ الموتِ الى جنبي
ولم تعترِفي حُـبّي
ولا يدفعُ غيري ثمَنه
أنتِ قبلَ الآنْ ... بعد الآنْ
حتى بعد ستينَ سَنه
ستظلـّينَ لنا وكرا ً
وقد يهجرُ طيرٌ وطنـَه
أنتِ من علـّمَني كيفَ أ ُصَلـّي
وعلى دربِ الـمُسيئينَ أطولُ الحسنه
أنتِ مَنْ قلـّدَني الشّعْرَ
ومَن جنـّبَني السِّـحْرَ
ومَنْ جنـّبَني كلّ َ الحروفِ النـتِـنه
أنتِ لن أنساكِ حدّ َ الموتِ .. لن أنساكِ
والأخلاصُ يا (ساميتي) ما أحسنه
أنتِ أوقاتي التي من بعدِها أشقى
وأحلامي التي تحوي جميعَ الأزمنه
منذ ُ عشرينَ سنه
وأنا أنزفُ شوقا ً
وأنا أهطلُ عشقا ً
وأنا حمّـلتـُكم وزرَ سحاباتِ شتائي الماطِـرَهْ
وأنا حمّـلتـُكم كلّ َ عذاباتِ السنين َ الغابرَهْ
منذ ُ عشرينَ سنه
لم تعُدْ في خاطري ساحة ُ حُبّ ٍِ عامرَه
كلّ ُ شئ ٍ بعدما غبتم غبارْ
كلّ ُ شئ ٍ بعدَما غبتـُم حجارْ
و تجاراتُ غرام ٍ خاسرَه
لم يَعُدْ ما بيننا منا رسولْ
لم يعدْ مَنْ بيننا يفهمُ منا ما نقولْ
وكلانا خسِرَ الماضي وقد يخسرُ حتى حاضِرَه
وعَـجـِزنا .. وصمَتـْـنا ... و سخِرنا من هوانا
من أمانينا الكبار ِ العاقره
ضيّعونا بالتقاليدِ وبالخوفِ من العِشق ...ِ
وبالخوفِ من الدّ نيا
وقد كانَ هوانا ذخـْرَنا للآخِره
نعمة ٌ أنعَمَها اللهُ علينا
برسول ٍ من أصول ٍ طاهره
إنها بنتُ شريفٍ ساهره
جمَعَتـْـنا بعدَ ما شتــّـتـَنا الدّهرُُ
و هزّ تـْـنا ظنونُ الخـَونه
بعد عشرينَ سنه
بيتـُنا صارَ خرابا ً
نهرُنا صارَ ترابا ً
وترى البُؤسَ على هام ِ النخيلْ
لم أجدْ في (الكرمةِ) الفيحاء ِ حُـبّـا ً أو حبيبا ً
بعدما أنتم هـمَمَتـُم بالرحيلْ
بعدما أنتم ذهبتـُم
و غدا يفصِلـُنا دربٌ طويلْ
كانَ هجرانـُـكِ أمرا ً مستحيلا ً
كانَ نسيانـُـكِ أمرا ً مستحيلْ
إسألي أمّي سؤالا ً
عندما تفقدني أين تراني ؟
جالسا ً حتى صلاةِ الفجر ِ في (مقهى جميلْ)
عطرُ كِ الساحِرُ في الشاي ِ
وفي القهوةِ والماء ِ
و حتى في الأواني
أنا أهواكِ بعقلي و ضميري و كياني
أنا أهواكِ بقلبي و لساني
لم أكنْ أحتملُ البُعْدَ ثواني
و لقد عذ ّبْـتـِـني بالبعدِ ...
بالبُعْدِ الطويلْ
لستِ أنتِ السببَ الأوحدَ في هجري
ولا مَن حفرَتْ قبري
و لامَنْ عَـذ ّبَـتـْـني بالرحيلْ
إنها أمّـُـكِ (دوله)
وأبوكِ .....
رحِمَ اللهُ (جميل)
ليتهُ يُبْصِـرُنا الآنَ
وقد عاثَ بنا الدّهرُ
وسبّـتـْـنا الظروفُ الراهنه
بعد عشرينَ سنه