بيارق النصر رفي فوق وادينا - وليد الأعظمي

بيارق النصر رفي فوق وادينا
خفاقة فلقد حقت أمانينا

وظللي الربوات الخضر زاهرة
فالماء ينداح عطرا في سواقينا

والحقل يرفل بالأزهار ضاحكة
أريجها العبق الفواح يحيينا

وللعنادل بين الروض زغردة
تضفي سرورا على من كان محزونا

عاد الربيع جميلا في مباهجه
إن الربيع لمعنى من معانينا

فهل يعود ربيع الروح ثانية
بالحق والعدل والإيمان مقرونا

ما قيمة الحسن والأرواح ذابلة
تستمريء الذل والافساد والهونا

رانت عليها الخطايا فهي صادئة
والقلب يصدأ إن لم تجله حينا

يا تائها غرة مال ومنرلة
لا تنس قبلك فرعونا وقارونا

صالوا وجالوا وباعوا واشتروا وطغوا
وسخروا بالملايين الملايينا

وحاربوا الله فاسودت وجوههم
وأصبحوا مثلا للمستبدينا

فليعتبر من له قلب وباصرة
وليتئد من يداجي في تصافينا

نحن الذين كشفنا كل خافية
بين الأنام وقدمنا البراهينا

خضنا الحياة فما زلت لنا قدم
في موقف قلق ما كان مأمونا

لم تعرف الغمض أجفان ولا مقل
من الرصاص غدت بيضا ليالينا

فما استبد بنا عجز ولا جزع
وتلك من نفحات المصطفى فينا

رعنا الليالي وما ريعت لنا همم
وكيف يرتاع من يستشعر الدنيا

وكيف يخشى الردى من بات مرتديا
ثوب الجهاد به يغشى الميادينا

وكيف يرتاح للبلوى أخو شمم
وعينه تبصر الأوباش يبغونا

وكيف يسكت ذو حق وقد عبثت
بحقه عصبة تقفو الشياطينا

عافت هدى الله وانقادت بعاطفة
معصوبة العين لم تعرف موازينا

كنا نرى النصر قد لاحت بوارقه
وغيرنا بسراب كان مفتونا

حتى إذا جاء أمر الله صاح بهم
مدبر الكون تحريكا وتسكينا

ما بين غمضة عين وانتباهتها
الله قد صير السجان مسجونا

وزمجرت سور القرآن صارخة
فرددت بعدها الآفاق آمينا

ورفرفت راية الإسلام عالية
تطوف من حولها أطياف ماضينا

نصارع الكفر أيا كان مبعثه
ولا نقلد مشبوها ولينينا

وإنما نحن جند الله قد رصيت
نفوسنا برسول الله هادينا

نطيعه ونحامي عن شريعته
ليعرف الناس شيئا من مبادينا

نرى الحياة حياة في عقيدتنا
وما سواها فزقوما وغسلينا

يا من وضعتم قوانينا لأنفسكم
نحن اتخذنا كتاب الله قانونا

الله أنزله بالحق يرشدنا
إلى السعادة في شتى مرامينا

آياته بالهدى والعدل قد نطقت
تضفي على الحق إيضاحاوتبيينا

ضل الذي يهجر القرآن مجتديا
منهاجه بغرور من أعادينا

لسنا نريد دساتيرا مرقعة
فشرعة الله تكفينا وترضينا

يا سيد الرسل قد خبنا بتجربة
نمنا زمانا فضيعنا فلسطينا

وقد أحاطت بنا سود الخطوب كما
أضحى التنائي بديلا من تدانينا

وناب عن طيب لقيانا تجافينا
والشرق والغرب بالأفكار يرمينا

حتى أفقنا وقد صحت عزائمنا
لننشد الحق والأخلاق والدينا

واليوم عادت لنا البشرى وقد سطعت
أمجادنا وصعدنا في مراقينا

تهزنا ذكريات المجد دافقة
حتى نعود كما كنا عناوينا

هذي جيوش الهدى تدوي مجلجلة
تهتز مرعوبة منها أعادينا

تقدمت ولواء النصر منتشر
فوق السماكين رمزا عن معالينا

الحق يدفعها حتى تعيد لنا
بالعز ثانية بدرا وحطينا

سارت وللثأر نيران مؤججة
باتت تحاكي شظاياها البراكينا

في بأسها من صلاح الدين شدته
به تدير على الكفر الطواحينا

ترنوا إلى المسجد الأقصى تفرسه
عزائم كاللظى للثأر تحدونا

نرد كيد العدى في نحرهم ولنا
حق بأن نجعل الدنيا قرابينا

حتى نعيد إلى الإسلام هيبته
ونجعل الحق مرفوع اللوافينا

ونرجع القبة الشماء ضاحكة
ونملأ القدس ريحانا ونسرينا