لا تسأليـه الصبر - يحيى السماوي

لا تســــأ ليهِ الصَــبْـرَ لو جَـــزعـــــــــا
ممـا رأى... بغـدادُ... أو سَـمَـعــــــــا

فَــــرْ دٌ ولــكن بين أَضْــلُـعِــــــــــــــــهِ
وطـنٌ وشـعبٌ يخـفــقــانِِ مـعـــــــــــــا

صــادٍ يُـبَـلِّـلُ باللـظى شـفــــــــــــــــــةً
وَيَـصــدُّ عن مُسْـتَـعْـذَ بٍ نَـبَـــعــــــــــا

أَنِــفَ انتـهــا لَ الراحِ لا بَــطَـــــــــــراً
أو خَـــوْفَ مُـلْـتَـصٍّ ولا وَرَعــــــــــــا(1)

لكـنه طَـبْـعٌ تَـلَـبَّــــــســـــــــــــــــــــــهُ
والمـرءُ في حَــاليْـــهِ ما طُـبِـعـــــــــــا (2)

وبِـهِ حَــــيــــــاءُ من مــروء تِـــــــــــــهِ
لـو راوَدَتَـهُ النفـسُ فـاتَّــبَـعـــــــــــــــا

فَـــرَ شَـتْ له الأوهـامُ أَبْـسِـطَـــــــــــةً
واسْــتَـنْـبَــتَــتْ صحراءَهُ فَـرَ عـــــــى

صـاحٍ ولكنْ صـحـوَ مَـخْـتَـبِـــــــــــــلٍ
لا فَــرْقَ إنْ أَسـرى وإنْ هَـجَـعـــــــــا

غــــا فٍ يُـدَ ثِّـــرُهُ حـريـرُ مُنــــــــــىً
فتوهّــم التابوت مـــنـــــتــــــجــــــــعا

وَسِــعَتْ أمانيـهِ الخـيـــــــا لَ فمـــــــا
أّبْــقَـتْ له الأحــلامُ مُــتَــسَــعـــــــــــا

مَـلَـكَـتْ فـؤاداً منـه آسِــــــــــــــــــرَةٌ
فَـسَـعَـتْ إليهِ بِـقَـيْـدِها... وَسَـــــــــعى

شـــاخَ المشــــوق بِـغُـرْ بَـتَـيْـــــهِ وإذْ
جَــلَســـا لمائدةِ الهـوى يَـفَــعـــــــــــا(3)

عِــقْــدانِ إلاّ بضعـــةُ وهُـمـــــــــــــا
يَـتَــرَقّـبانِ الوصلَ... واجْـتَـمَـعـــــــا

خَـلَـعَـتْ عليـه لذائذاً فـأبــــــــــــــــى
غـيَـر الـعَــفا فِ لِـحُـبّـهِ خُــلَـعــــــــا(4)

صـاغَـتْ له من طيـنِـــها رئـــــــــــةً
ولهـا أقـامَ القلــــبَ مُــرْتَـبَـعـــــــــــا

وَتَراقَـصَـتْ أعشـا بُ مقــلتِـــــــــــهِ
فَـرَحـاً بنجـمِ مَـسَـــرَّةٍ سَـطَـعـــــــــا

فَــتَناجَـيا لحنـاً وقافـيــــــــــــــــــــةً
وَتَـصــاهَرا نَـبْـضاً وَمُـصْـطَـرَعــا

وَتَـعاتَـبـا كلٌّ يرى سَــبَــبـــــــــــــاً
لِـيُـريقَ كـأسـاً بَـعْـدُ ما تُـرِعــــــــا

طَـمَـعَـتْ بِـصَـمْـتٍ من يَراعَـــــتِهِ
وبصرخـةٍ من صَـخْــرِها طَـمَعــا

فَـتَـــشاجرا:دَوْحـاً وفاخِـتَـــــــــــةً
وَتخـاصَـما:ثَـدْياً وَمُـرْتَـضِـعــــــا

كَــظَما على غَـيْـظَـيْهمـا فَـوَشـــى
بهمـا اخْـتِـلاجُ الجفنِ إذْ دَمَـعــــــا

حَــيْـرانُ بين اثنينِ خَـيـــرُهُـمــــا
شَــــرٌّ يُــحـيقُ بهِ إذا قَــنَــعــــــــا

فا ذا اقام فقهر مــــغـــتـــــصـــــب
وسيستبـيـه الـــشوق لو ر جـــــعا

خَــبَــــرَ العـذابَ جميعَــــهُ فرأى
أّنَّ الأّشَــــدَّ: مكابـــرٌ خَـنَـعـــــــا

غَــضَّ الفـؤادُ النَـبْـضَ عن تَرَفٍ
مُـسْـتَـعْـبِـدٍ فاخْـتــارَ أّنْ يَـدَعــــــا

لا تَـسْـأَليه الصَـبر لو جَـزَعـــــــا
ما دام فأُس الــذُلِّ قد وَ قَعــــــــــا

زارَ الديارَ ضُـــحىً فأَرْعَـبَــــــــهُ
أّنَّ الفرات وَنَـخـْـلَـهُ افْــتُرِعــــــــا (5)

فَـرَكَـتْ أّصابــعُ صَـــحْـــــوِهِ مُقَلا
سـكرَتْ بخـمـرِ الحلمِ فانْـفَـجَـــعــا

أّلفى الأَحِــبَّـةَ بعد عـود تِــــــــــــهِ
رِمَـماً وَرِفْـقَـةَ أَمْـســِـهِ شِـيَـعـــــــا

عاش َ المواجِـعَ منذُ فارَقَــهُــــــــمْ
وازْدادَ بعـدَ لقائِـهِـمْ وَجَــعـــــــــــا

غَــفَـلوا فَـعاجَـلَـهُــمْ بفاجِــعَــــــــــةٍ
مُـتَـرَبّـصٌ لم يَـدَّخِــرْ خُــدَعـــــــــا

شَــبِـعَ الردى والقَـهْـرُ من دمهـــــم
و((مُـحَرري)) المزعومُ ما شَبِعـــا

أَسَـفي على بغدادَ... كيف غَـــــدَتْ
سـوقـاً وأَنْـجـــمُ مـجدِها سِــلَــعــــا ؟

قـد كان يربِـطُـنـي بَـهَـوْدَجِــهــــــا
خَــيْـطٌ من الآمـا لِ... وانْـقَـطَـعـــا

الجســـرُ؟ تَـجْـفوهُ المَـــــها... وإذا
قَــرُبَـتْ تَـشَـظّى وَجْــهُـهـا فَـزَعـا (6)

أما ((الرّصـافةُ)) فـالجـلوسُ الــى
شـطآنِـها يَـسْــتَــنْــفــــرُ الهَـلَـعــــا

خـرسـاء تَـسْـتَــجدي الخُـطى صِلَةً
والسـامرينَ الشـعـرَ والسَـجَــعـــــا

ودخـانَ(( مسـقوفٍ)) بَـمُـغْـتَــبَـقٍ
وغـناءَ صَــبًّ مُــدْنَـفٍ ضَـرَعــا (7)

وَدَّعْــتهـــا قَـسْـــراً فَـوَدَّعَـــــــني
قـلبٌ أبى من بَـعْــدِها مُــتَـعـــــــا

حــذَّرتُـها مني.. وَحَــذَّرَنـــــــــي
منها هيـامٌ من دمـي رَضَـعـــــــا

لكنهــا تبقـى رفيـفَ دمـــــــــــي
إنَّ الهـوى أّبْــقاهُ ما صَــرَعــــــا

_____________________

(1) ملتص : مسترق السمع او النظر

(2) حاليه : حال السراء وحال الضراء...اليسر والعسر ...

(3) يفـع : صار يافعا

(4) الخلع : المال ، الهدايا ، الهبات

(5) افترع : أُهـين

(6) اشارة الى بيت الشاعر علي بن الجهم:

عيون المها بين الرصافة والجسـرِ

جلبـن الهوى من حيـث أدري ولا أدري

(7) ضـرع : توسـل واسـتعطف

و(( المسـقوف)) هو السمك المسقوف ، الأكلة الأكثر شعبية وشـهرة في ليالي شـواطئ دجلة ببغداد