دعا بإقامة الشوق الرحيل - ابن الزقاق البلنسي

دعا بإقامة الشوق الرحيل
فللبرحاء أن بانو حلول

وللزفراتِ إثرَ العيسِ زجرٌ
تحث به الظعائن والحمول

سميري هل حديثُ الركب إلاّ
نسيمُ صباً تأرّج أو شمول

فها أنا من تنشقه بروض
وها أنا من تعاطيه أميل

فداكِ أُمامُ مني ذو ضلوع
صواد لا يبل لها غليل

أما غير الخيال لنا لقاء
أما غير النسيم لنا رسول

أُسائلُ عنكِ أنفاس الخزامى
فتخبرني بكِ الريحُ العليلُ

أضحت مطالعهن الأنيق الذلل

وما إن كنتُ لولا كونُ حبي
لأقبلَ ما يُحدِّثني القبول

خليليّ اذكرا مني عليلاً
يعلِّلُ نفسَهُ نفسٌ عليل

إذا ذُكِرَ العقيقُ وساكنوه
بكى طرباً وأسعده الهديل

وليلٍ خضتُ منه عبابَ بحرٍ
خضّمٍ ما لساحله سبيل

إذا جارَتْ بي الظلماءُ فيه
فمن شوقي المبّرح لي دليل

طرقتُ به الأوانسَ بعد وَهْنٍ
وفي كفي سُرَيْجيُّ صقيل

فروّعهن من سيفي وميض
وأيقظهن من طرفي صهيل

يقلنَ على انخفاضِ الصوت أنّى
سريت وبيننا واش يحول

ودون قبابِ ربربنا رعيلٌ
مِنَ الفرسانِ يتبعه رعيل

إذا ما همَّ ان ينجابَ ليلٌ
أمدته بعثيرها الخيول

وإن مالت كواكبه لغرب
فثمّ شبا الأسنة والنصول

فقلتُ أخو الهوى مَنْ لم يَرعْهُ
حِمامٌ حلَّ أو عَيشٌ يزول

أجلّ الخوف خوف الهجر عندي
وأيسرُ كلِّ خطب ما يغول

وحسبي نجدة أن قارعتني
صروف حالها أبداً تحول

فما أعطيتُ مقوديَ الأعادي
وإني بالحروبِ لها كفيل

وهذا الدهر سوف يكون بيني
وبين خطوبه عتب طويل

اذاك وما اديل بهنَّ إلا
أخو كرم لتالده مديل

وقائلة ٍ إلى كم تنتحيك الـ
حوادث بالعثار ولا تقيل

فقلت دعي الزمان يفلّ غربي
فليس يعيب ذا شطب فلول

وفيما قد بلوت من الليالي
عزاء أن يلازمني الخمول

دوائرها ترفّع كلّ نذل
وتخفض من له مجد أثيل

كما حلَّت وهادَ الأرض أسدٌ
وحلت في بواذخها وعول

فمن وغدٍ يلاطفه اريب
ومن فَدْمٍ يصانعه نبيل

وما خير المعيشة لابن إرب
إذا کفترقت إلى الجهل العقول

وقد نلت التجمّل في زمان
قبيح عند أهليه الجميل

شراب المعلوات به سراب

وأيّ أخي إخاء لا يداجي
وأيّ حليف عهد لا يحول

تقلّ محامدي لولاة دهري
لأنَّ الفضل عندهمُ قليل

عنيت بوصفهم فقصدتُ ذمّا
ليسلم من غلوٍّ ما أقول